التخطي إلى المحتوى الرئيسي

القضية الغريبة ل " آلان روبيشو" ! The Mysterious Death of Allen Robicheaux

 

بالرغم من أنَّ قصتنا هذه المرَّة لا تتضمن جريمةً بالمعنى المعروف, أي عدوان أو أذى من نوع ما يوقعه شخصٌ بشخص آخر؛ فإنها تضمَّنت لغزًا مروِّعًا احتاج لعشرين عامًا كاملة ليتم حلُّه, وتدميرًا لأسرة, وحياة بائسة لامرأة مسنَّة قضت نحبَها وهي لا تعرف أين زوجها, أو ماذا حصل له؟!
إنَّ قضايا الاختفاء الغامض كثيرة, وتقريبًا تبدأ كلها بنفس الطريقة؛ يعود شخص ما إلى المنزل ليجد أحد أقاربه وقد اختفى, أو يخرج أحدهم في رحلة عملٍ أو نزهة ثمَّ ينقطع أثره, ولا يعرف أحدٌ أين ذهب. كان الشخص الذي اكتشفَ حالة الاختفاء هذه المرة هي الزوجة "لوسي ماي", سيدة في السبعينيات, تعيشُ في منزل بشارع فرانكلين/ جريتنا/ لوس أنجلوس, وكان من الواجب أن يكون زوجها "آلن روبيشو" Allen P. Robicheaux موجودًا بانتظارها يوم 15 ديسمبر 1973م عند عودتها من زيارة عائلية, لكنه لم يكن كذلك. انتظرت المرأة عودةَ زوجها لكنه لم يعدْ, لا في هذا اليوم, ولا فيما تلاه من أيام, فأينَ يمكن أن يكون الرجل ذو الثلاثة والسبعين عامًا قد اختفى؟!
لم تكن هناك دلائلُ على حصول عنفٍ في المنزل, لا مذكرات تقول إنَّه ينوي مغادرة البيت لبضعة أيام, لا رسائلَ انتحار, أو تهديد بالاختفاء, لا دليل من أيِّ نوع, وإذا كان الرجل قد فُقد أثرُه فلا بدَّ أنه اختفى في مكان ما خارج منزله.
وقد أكد العثورُ على سيارته بعد أسبوع, وعلى مبعدة من المنزل, أنه اختفى في مكان ما بين بيته وموقع السيارة المهجورة. حقَّقت الشرطة جيدًا, وتتبَّعوا الأدلة المتوفرة, أمّا الزوجة فلم يكن لديها ما تفعله سوى الأمل في أن يعود زوجها قريبًا, لكن أملها لم يتحقق للأسف!
مضتْ سنوات طويلة ولم هناك إمكانية لعودة "ألن" إلى عائلته وابنته, فتركت الأسرة المصابة البيت, وباعتْه لمن يسكنه, تنقَّل البيت بين عدة أيدي, وبيعَ مرات كثيرة, وفي عام 1991 كانت العائلة التي تسكنه لا تفكر مطلقًا في السيد "روبيشو", لكنها تهتمُّ بشيء مختلف تمامًا؛ وهو هجمات الحشرات على منزلها, خصوصًا النمل الأبيض, باءت جهودُهم الذاتية في مقاومة النمل بالفشل, فلم يكن هناك مناص من تدخُّل شركة متخصصة في مقاومة الحشرات وخلافه.
جاء العمال وبدأوا في رشِّ المنزل, والبحث عن البؤر والأعشاش التي يسكنها النمل للقضاء عليها, وفي القبو فتَّش أحدُ العمال بجد, حتى أخذته عمليةُ البحث إلى ما وراء لوحة معدنية مثبتة إلى الحائط, وهناك وجد غرفةً سرية تقود إليها هوَّة مظلمة, لكن لم تكن الغرفة تتَّسع سوى لشخص واحد.. شخص واحد ميت!
لاحظ العاملُ شيئًا غريبًا يظهر من أعلى, وما لبث أنِ اكتشف أنه جمجمة بشرية, فهرع لطلب النجدة, ووصلتِ الشرطة لتبحث في حل هذا اللغز الغريب غير المتوقع بتاتًا.
إنَّه هيكل عظمي متحلل, تآكلتْ ثيابه واختفت ملامحُ جثته, مجرد عظام عارية, وجمجمة مثقوبة ثقبًا منتظمًا يشبه مكانَ دخول رصاصة, لم تكن ثمة دماء متبقية حول الجثة المتحللة, لكن استعمال مادة اللومينول Luminol أكد وجودَ دماء على بقايا مرآة محطمة بالقرب من العظام, إنه أثرُ تناثر دماء مطابق لذلك الذي تتركه إصابة ناجمة عن طلقة رصاص.
لم يكن هذا هو كلَّ شيء, بل بجانب العظام وجدتْ آثار أخرى؛ مسدس صدئ من عيار 38, وأدوات صغيرة وشمعة, وتماثيل غريبة مصنوعة من السيراميك, ولا يعرف لأيِّ حضارة أو عقيدة تنتمي!
وأخيرًا, وُجدت محفظة ورخصة قيادة, إنها تخصُّ صاحبَ الهيكل العظمي, والاسم المسجل عليها هو "آلن روبيشو"، كما كانت الأسنان الذهبية دليلًا آخر على صحة كون العظام تخص الرجل المفقود!
وأخيرًا, عُثر على الرجل الذي لم يعرف أحدٌ مصيره منذ عشرين عامًا, لكن "لوسي" لن تفرح بمعرفة مصيرِ زوجها أخيرًا لأنها فارقت الحياةَ منذ سنوات. كان "روبيشو" ليكون في الحادية والتسعين من عمره إذا بقي حيًّا, لكنه اختار الانتحار وحيدًا في غرفة معتمة تقع أسفل قبو منزله, يبدو أنه بناها بنفسه, وعاشَ فيها حياة غامضة, وربما كان يمارس طقوسًا غير معروفة, بدليل وجود التماثيل التي لم يُعرف أبدًا الغرض منها أو فيما تستعمل, ومات هناك وحيدًا بطلقة رصاص في رأسه. كلّ الدلائل كانت تؤكد أنه قتلَ نفسه هناك حيث اختار قبرَه بنفسه, وذهبَ إليه على قدميه, لكنه لم يخرج منه إلا بعد عشرين سنة!
قصة "روبيشو" واحدةٌ من أغرب قصص الاختفاء, ومن أكثر قصص جريمة قتل النفس إثارة للدهشة والتساؤلات, التي لا أحد يملك جوابًا شافيًا عليها سوى السيد "روبيشو" نفسه.. وهو فيما يبدو لم يكن ينوي أن يكشف أسرارَه أو يعطي إجابات لأحد!
تعرَف قصةُ اختفاء "آلن روبيشو" ثمَّ ظهور عظامِه الغريبة بقضية The Crypt Keeper: Skeleton Revives Gretna Mystery !


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أكبر من أن يكون ملاكا !!

  لمعت نظرة مريبة في عينيها وهي تراقب الصغير يلهو أمامها ، لم تكن هي بدورها إلا صغيرة مثله ، طفلة لم تتعد أعوامها الإحدى عشرة ، ولم تقفز بعد فوق حاجز شرود الطفولة ونزق الطبيعة الثائرة ، التي تتمشي ف هوادة ، في العروق البارزة ، ملامح رقيقة ، لكن غموضها أضفي عليها طابعا يبعدها عن القلوب ولا يقربها ، كان لها رفاق بالطبع لكنهم كانوا رفاق ضراء لا سراء ، كل مهمتهم أن يوسعوا الصغيرة سخرية ، وأن يتهكموا عليها بكل ما أوتوا من قوة ، تنمر الأطفال الذي لا يدانيه في وحشيته وقسوته شيء .. وبدورها كانت " ماري " الصغيرة أكثر تنمرا وقسوة من رفاقها المشاكسين ، بيد أن الأمر كان مختلفا بالنسبة إليها ، كان الأطفال يكتفون بإلقاء الكلمات اللاذعة ،والسخريات المريرة ، والتعريض ببقع البول التي تلوث ملاءة السرير ، نشرتها أم " ماري " علنا ،معرضة بابنتها التي ( تفعلها ) في فراشها حتى الآن ، وربما تمادوا حتى مرحلة الإيذاء البدني البسيط ، رمي حجر أو قطعة حصى ، أو دس كسرات الزجاج الحادة في طريقها لكي تؤذيها ، كلمات جارحة وأفعال مؤذية ، لكنها لا تزال في مستوي ( الأفعال الطفولية ) ، مهما بلغت قسوتها

قضية " راشيل دوبكينز " The Murder of Rachel Dobkin.

  قضية قتل غريبة ومميزة اُرتكبت في خضم الحرب العالمية الثانية، والتي لم يتوقع أحد أن يتم الكشف عن مرتكبها نهائيا، بل ربما الجاني نفسه لم يتخيل أن القضية ستسجل كجريمة قتل عمد على الإطلاق . في البداية نقول أن الجاني كان ذكيا جدا، إذ أنتهز فرصة اشتداد الحرب العظمي الثانية، وازدياد عنف الغارات الألمانية على مدينة لندن، ليحاول اخفاء سر جريمته، التي أعتقد أنها يسوف تعتبر حالة وفاة ناجمة عن القصف الجوي، ولن تعلق به أية شبهة، تاريخيا تعرضت بريطانيا لسلسلة ممنهجة ومطردة من الغارات والهجمات الألمانية، التي ركزت جهودها على تدمير عاصمة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، فبدأت القوات الجوية الألمانية من يوم 7 سبتمبر عام 1940 في قصف لندن في غارات منتظمة وكبيرة، مخلفة خسائر مهولة، وذلك تنفيذا لأوامر الفوهرر المتعلقة بذلك الأمر والتي صدرت قبلها بيوم واحد، وبلغ من عنف تلك الغارات وشدتها أنها تسببت فيما عرف بحريق لندن الثاني ( 29 ديسمبر 1940)، وقد بلغ من جسارة الألمان أنهم لم يتورعوا عن صب نيران طائراتهم على لندن حتى في وضح النهار، لكن وبداية من شهر نوفمبر 1940م أصبحت الغارات ليلية بشكل أساسي، استمرت

لويز بيت، دوقة الموت : السفاحة المبتسمة ! Louise Peete: Duchess of Death

  لويز بيت .. بدموعها خدعت قضاة ومحلفين ومحققين ! النشأة الأولي : سرقة وعهر : جنوح مبكر ! جاءت " لوفي لويز بريسلار إلي الحياة في يوم 20 سبتمبر 1880 ، في مدينة " بينفيل " بولاية لويزيانا الأمريكية لأب ثري يعمل ناشرا ولديه صحيفة خاصة .. وقد كان والداها مثقفين ومن الطراز المثالي ، ولكن الفتاة التي ألٌحقت بمدرسة خاصة في ( نيوأورليانز ) قد تم طردها من المدرسة وهي بعمر الخامسة عشرة لسببين هما : السرقة وسلوك مسلك غير أخلاقي .. فقد كانت الفتاة المثقفة الثرية تمتهن البغاء في أوقات الفراغ ! جنوح مبكر وعجيب وغير مبرر إطلاقا . وكانت " لويز " غاوية للرجال فلم تستطع أن تبقي بدونهم طويلا ، وعندما وصلت إلي سن الثالثة والعشرين ، أي في عام 1903 ، تزوجت من بائع متجول يدعي " هنري بوسلي " ، وبقيا معها ثلاث سنوات ، انتهت بأن أطلق الزوج النار على رأسه ! والسبب أنه وجد زوجته المصونة برفقة رجل آخر في الفراش ، فلما واجهها كلمته ببرود وسماجة ، وثبت أنها لا تشعر إطلاقا بجريمة الخيانة التي ارتكبتها .. وأمام برودها أحترق الزوج داخليا فلم يجد حلا يريحه سوي الانتحار

الهفوة التي قضت على 22 مليون إنسان .. كيف أدي عناد رجل واحد إلي تحطيم العالم !!

  بعضُ الأخطاء التي وقعت كانت قدريةً بنسبة مائة في المائة, لم تكن ناجمة عن غباء أو خطأ في الإدراك لدى مقترفها, بل بشكل كامل هو تدبيرٌ من فعْل القضاء والقدر, وفي حالات معينة يكون هذا الخطأ سببًا ليس في دمارِ حياة إنسان ما وحسب, بل ربما- ولا سيَّما في حالتنا هذه- قد يكون سببًا في خراب العالم وتدمير حياة الملايين من الناس الأبرياء! أشهرُ هذه الأخطاء القدرية الصِّرفة هو الغلطة التي وقع فيها وليُّ عهد النمسا والمجر, الأميرُ المكروه الذي يتميز بالصَّلافة والغطرسة, وليّ العهد الذي وصلت إليه معضلةُ الوراثة دون انتظار, ولسبب جريمة غامضة وحادثة شهيرة حدثت لمن كان وريثًا شرعيًّا ومؤكدًا لعرش هذه الإمبراطورية, التي لم تعمِّر طويلًا, وحفل تاريخها بالمآسي والرزايا, واستكمالًا لتربُّص القدر بمملكة النمسا والمجر, وصلَ وليُّ العهد, الأرشيدوق "فرانز فرديناند" Archduke Franz Ferdinand 50 عامًا, وزوجته الأميرة "صوفي" Sophie , 46 عامًا, يوم 28 يونيو عام 1914م, إلى مدينة سراييفو, العاصمة الرسمية لإقليم البوسنة والهرسك, الذي كانت إمبراطورية النمسا تضع يدَها عليه, بمعنى أنَّ الزيارة كانت

الرجل الذي حول زوجته إلي نقانق !

  "لويزا بيكنيز"   Louisa Bicknese هي امرأةٌ أمريكية سيئةُ الحظ, في البداية بدَا وكأنها أكثرُ النساء حظًّا في العالم؛ إذْ تزوَّجت برجل مهاجر, ألماني الأصل, ورجلِ أعمال ثري, يملك أكبرَ مصنع للنقانق في شيكاغو. كان الزوج يدْعى "أدولف لوتجيرت" Adolph Louis Luetgert , وكان أرملَ معَ طفلين, تزوَّجته "لويزا" عام 1878م, وعاشا معًا حتى عام 1897م, حيث رزقَا بأربعة أطفال. كان للسيد "لوتجيرت" مصنعٌ شهير للنقانق, ولُقِّب بملك النقانق, لكن طباعه كانت سيئةً إلى حدٍّ ما, فقد كان عنيفًا تجاه زوجته, كما شوهِد ذاتَ مرَّة وهو يطاردها حاملًا مسدسًا. لكن على أي حال, ففي أوَّل أيام شهرِ مايو من ذلك العام خرجتِ الزوجة لزيارةِ أختها, وقال الأبُ ذلك لأطفاله حينما سألوا عنْ والدتهم في اليوم التّالي, غير أنَّ "لويزا" لم تعدْ من زيارة أختها مطلقًا. بدأتِ الشكوك والتساؤلات, ولاحقًا قامَ شقيق الزوجة المفقودة بالإبلاغ عن فقدانها. ثمَّ ظهرت أدلةٌ مقلقة حول تورُّط الزوج في مصاعبَ مالية, وعلاقته بأرملةٍ ثرية, مما دفع البعضَ إلى الاعتقاد بأنه تخلص من زوجته ليتزوَّج الأرم