إذا أحصيْنا القتلة المتسلسلين أصحابَ أكبر عددٍ من الضحايا في التاريخ, فغالبًا ما سيكون دكتور " هارولد شيبمان"Dr Harold Shipman من ضمن العشَرة الأوائل, إنْ لم يتربَّع على رأس القائمة حصرًا, فهذا الطبيب الدَّمث الأخلاق والمسنُّ قتلَ ما لا يقلُّ عن مائتي مريضٍ من مرضاه, وبطريقةٍ ولهدفٍ وحيديْن لا يتبدلان!
تخرَّج دكتور " شيبمان" من كلية ليدز للطب عام 1970م, وبعدَ بداية ممارستِه لمهنة الطبِّ ظهرت عليه أعراضُ الخروج عنِ القانون, لكنها كانت جنحٌ تافهة مثل سرقة بعضِ الأدوية وتزوير تذاكر طبيَّة للحصول على البيثدين لحاجته لشخصية, وبدءًا من عام 1977 أصبح ممارسًا عامًّا في مركز دونيبروك الطبي في هايد, القريبة من مدينة مانشستر, وهناك استمرَّ في عمله طوالَ الثمانينيات, لوحِظ من قبَل البعض زيادةُ عددِ الوفيات بين المرضى الذين يتولى دكتور "شيبمان" علاجهم عن المعدَّل الطبيعي لوفاة المرضى, الذين يتلقّون علاجهم على يدِ أطباء آخرين, لكنَّ أحدًا لم يشكّ بشكل جِدِّي في طبيب محترم, وربِّ أسرة له أربعةُ أطفال.
استمرَّت حالاتُ الوفاة بين مرضى "شيبمان" في التكاثر, خاصَّة بينَ النساء كبيرات السِّن, مما لفتَ نظرَ طبيبة اسمها "ليندا رينولدز", وهي تعملُ في نفس المركز الطبي الذي يقوم فيه الطبيبُ المشبوه بعمله, لكنَّ شكوكها لم تؤخَذ على محمل الجِد. كانت فترةُ التسعينيّات, خاصَّة النصف الثاني منها هي فترة أوْج نشاط الطبيب السَّفاح, الذي بدأت تظهر وصايا تخصُّ مرْضاه, بعدَ وفاتهم, تشير إلى أنَّهم تركوا جزءًا من أموالهم له, مما أدَّى إلى تعاظُم الشكوك. في النهاية وصلت الشكوك إلى متعهِّد دفن الموتى, الذي لفتَ نظره العددُ الكبير من الموتى الذين يأتونَ بجثثهم إلى المحرقة, وتوقيع دكتور شيبمان تحديدًا على شهادةِ الوفاة, ولكنَّ الطبيب السفاح استمرَّ في جرائمه حتى وقع أخيرًا في شرِّ أعماله, فقد حقن مريضةً بعمر الواحد والثمانين عامًا اسمها "كاثلين جروندي" بجرعةٍ زائدة لقتلها. كانتِ المرأة قد توفِّيت في منزلها فجأة, وثبتَ أنَّ آخرَ شخص زارها قبيل موتها هوَ دكتور "شيبمان", كان للمتوفّاة ابنةٌ تدْعى "أنجيلا وودروف", والتي لم تصدِّق تفسيرَ دكتور "شيبمان" لموت أمها, وكانت أنجيلا محامية وعارفةً بالقانون, ولم تقتنع أبدًا بصحِّة وصيَّة أمها, التي تركت فيها مبلغًا ماليًّا كبيرًا لحساب طبيبها "هارولد شيبمان", وكانت جثةُ "كاثلين" لم تحرَق, فجرَى استخراجُها ومناظرتها .
تعليقات
إرسال تعليق