التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحلقة الساددسة ( والأخيرة )

 

أنطلق " أنسيل " مطاردا فلول فرقة الصيد مجليا إياهم عن الغابة ..
لقد حقق انتصارا هائلا تلك الليلة في الحقيقة . يكفيه فخرا أنه جعل " دولين جار " وفرقة صيده المرعبة يبدون كطاقم أطباق خزفية أطاحت بها قدم فيل .. لقد تهشموا وتحطموا وتناثروا بددا . ويا له من نصر مؤزر !
لن يجرؤ أحد بعد ذلك على اقتحام الغابة وتمشيطها بحثا عنه ، ولا حتى مجرد الاقتراب منها .. صحيح أن المستذئب الأصلي الجسور له يد غير منكورة في مفاجأة رجال " دولين " وإفزاعهم ، وتشتيتهم في كل صوب بهجومه الساحق المباغت الذي أفزعهم وأربك صفهم .. لكن " أنسيل " تولي كبر المعركة بمفرده بعد أن تركه ساكن الغابة الأصلي وأبتعد !
 أنه يأسف على أنه لم تتاح له الفرصة الكافية لمعرفة من يكون هذا الساكن المستذئب الأصلي ، ومن أين آتي .. لكنه يعلم شيئا واحدا فقط ، إنه هو من حوله وهو من هاجمه تلك الليلة التي أصطاد فيها الأرنب السمين وعضه ونقل إليه جرثومة القطرب الفريدة التي لا مثيل لها !
يراه الآن بعينيه .. إنه من أعطاه النقمة واللعنة في ذات الوقت !
لقد وقف هناك بضخامته وببدنه الأبيض الذي يداني في حجمه حجم ثور ، أُطعم على مدي عمره جيدا ، ينظر إليه بتفهم وغضب وهمس له بعوائه الخفيض المتحدث بلغة الذئاب :
-" أذهب أيها الشيء المغطي بالزغب وطارد بقية تلك الأفراخ المذعورة .. ولا تعد إلي حمي الغابة المظلم ثانية ! "
وصدع " أنسيل " وطارد بقية رجال " دولين " ، الذين تساقطوا أمامه كأوراق الخريف .. ثم عندما تيقن من أنه أجلاهم تماما عن الغابة فكر في أن يكر عائدا باحثا عن ساكن الغابة الأصلي ، ليعرف من هو ومن يكون .. لكن تحذير الكائن المخيف كان لا يزال ماثلا أمام عينيه مشفوعا بمشاهد حية لا تزال عالقة في ذاكرته لما شاهد ( المستذئب الأول ) يفعله برجال فرقة الصيد المساكين .. حتى هو أخذته الشفقة على الرجال الممزقين والجرحى المتساقطين أمام مخالب وأنياب ذلك الوحش الفتاك ، الذي لم يري في حياته ، سواء كإنسان أو كذئب متحول ، مثيلا له في القوة والبطش وشدة الفتك !
مختارا سلامته أبتعد " أنسيل " عن مجال نفوذ المستذئب الأول وعزم على الفرار من وجهه .. لكن أحداث الليلة فيما يبدو لم تكن قد انتهت بعد .. وقد لا تنتهي أبدا !
...
سقط باب الكوخ محدثا صوتا خفيضا شريرا تردد في أرجاء المكان .. وأمام الباب المحطم وقف القمر المكتمل في السماء يطل بنوره الساطع بجزل على المخلوقات السخيفة المتعاركة المتصارعة بأسفل .. بينما في دائرة النور المخيفة وقف كائن أبيض مهيب ، منظره وحده كاف لبعث الرعب في قلوب جيش من الرجال بأسره .. هب " ايزيا " واقفا ببقايا ثيابه المتدلية ، وأخذ يلهث من منخريه بعنف طالبا الهواء العسير المنال لكي يتمكن فقط من التقاط أنفاسه ، أما ساحرته الحسناء ذات الشعر المجرجر فقد بدت كمن سكب عليها رطل من الغراء اللزج والتصقت مكانها وقلبها يدق بعنف ويكاد يفلق صدرها ويخرج منه هاربا مولولا ..
أما المخلوق المحدق فيهما من خارج الكوخ فكان يتمتع بالهدوء الكامل ، ولديه كل الوقت ليبادلهما ما أحبا من تحديق وتحديج نظر ..
حاول " ايزيا " استعادة تحوله ، لعل تحول تلك اللحظة ينقذه وينقذ سيدته ، لكن مفعول الجرعة السحرية كان قد نفد تماما تقريبا ، ولا جدوى من محاولة العودة لحالة التذاؤب قبل تجديدها عاجلا ، وهو ما لم يكن هناك سبيل لتحقيقه الآن .. شعر كلا المختبئين اللائذين بحمي الكوخ السحري بالخطر .. لكن المستذئب الأصلي لم يكن يعنيه أمر هذا الشيء المتحول سحريا ولا يفرق معه في شيء .. إنه يريدها هي .. يريد تلك الساحرة الآثمة " سيلمين " !
وبالفعل .. وبوثبة جسورة حلق الكائن ، الذي يقترب حجمه من حجم الثور ، في الهواء وقفز فوق الساحرة تماما ، وأمسك بها ، من خصرها ، بين أنيابه .. ثم أتجه حاملا إياها إلي الخارج متجاهلا " ايزيا " تماما .. بين فكيه القاتلين قبعت " سليمين " للحظة عاجزة عن الصراخ ، وعن التصرف وحتى عن الإحساس بالألم .. لكنه لم يعطها الفرصة الكافية للقيام بأي من كل تلك الأشياء .. لأنها جرجرها إلي الخارج وسط ذهول " ايزيا " الذي ألتصق بالحائط وتفصد العرق من كل خلية من خلايا جسده ..
غادر المستذئب الأصلي حاملا " سيلمين " بين فكيه ، دون أن يتمكن المستذئب التقليد المرعوب من اكتشاف ما إذا كانت سيدته قد قضت بين أنياب الوحش الجموح أم أنها لا تزال تنبض بالحياة !
أعتلي المستذئب الأصلي تلا مظلما حاملا غنيمته ،  بينما توارت كافة وحوش الغابة ، التي تعرف قدره جيدا ، عن ناظريه وابتعدت تماما عن طريقة ، تاركة إياه يعوى ويفترس كل ما يعترض طريقه ،  معلنا سيطرته على تلك الغابات الملوثة .. وتاركا سكان القرى القريبة من غابات ( شيفلدان ) يقضون الليل بأكمله في جمع حاجياتهم وأمتعتهم استعدادا للرحيل ، والفرار مع انبلاج أول ضوء للصباح .. الذي يبدو بعيدا جدا في تلك اللحظات المروعة !
...
مضت أيام طويلة بعد تلك الليلة المرعبة .. ولم تفتأ حوادث الهجوم الذئبي المروعة تحدث لكل من يجرؤ ، من مسافرين عابرين ، أو مستكشفين حمقي ، على الاقتراب من حدود غابات ( شيفلدان ) المسكونة بالموت والطاعون والقطرب الفريد المميت !
شاع بين أهالي المقاطعة أن هناك أكثر من مستذئب في تلك الأدغال المخيفة ،  وعززت تقارير وأقوال من تعرضوا للهجوم ونجوا ، وهم أقلية قليلة ، تلك الأقوال .. حيث أكد بعضهم أنهم رأوا مستذئب ضخم آخر برفقة الوحش الذي كان يهاجمهم ، لكن لم يتم التحقق من صدق أي من تلك الأقوال والحكايات التي يرويها البعض وهم لا زالوا في أسر لحظات الرعب والألم الرهيبة التي مرت عليهم !
من جانبه عاد " ايزيا بن هيبوليت " لحياته العادية ، مكتفيا بأنه لا أحد علم بتحوله الذئبي السابق وإلا لكان قد حُكم عليه بالإعدام فورا ودون إبطاء !
أما " أنسيل " ، ابن الطبيعة الجسور ، فقد تعود على مرافقة الذئاب الحقيقية ، بل وأندمج معها في علاقات جسدية وأصبح فردا من ضمن جماعاتها الصغيرة ..ودأب على الصيد في المناطق المحيطة بالغابة المحترقة ، التي بدأت تستعيد نضرتها بعد موسم المطر الطيب الماضي .. دون أن يجرؤ على دخول حمي الدغل الأسود الكثيف المظلم ، الواقع خلف الغابات ، الذي يسيطر عليه وعلى كائناته المخيفة مستذئب أصلي مهيب ، لا يعلم أحد متى ولا من أين جاء .. لكنه ، أحيانا ، يصادف أن يري المستذئب الأول الجسور يطوي البطاح المظلمة ، باحثا عن فريسة أو صيد يوقع به ، ويحمله إلي عشيرته الكبيرة من الذئاب الحقيقية والمتحولة ، فلا يجرؤ على الاقتراب منه أو اعتراض طريقه .. لكنه فقط ، وفقط مرة أخري ، يتمني لو أتيح له فرصة التقرب منه وتمثل حكمته وجسارته المشفوعة بالقسوة والقوة الهائلة ، والتواري الحكيم عن أنظار جميع المتطفلين !
يقولون أن هناك فرقة صيد ملكية ، يقودها ضابط  مكلف من لدن الملك شخصيا ، في طريقها لتطهير ( شيفلدان ) من المستذئبين المتوحشين .. وكم تمني " أنسيل " لو كان بإمكانه إخبار سيده المستذئب الأصلي بتلك المعلومة الهامة .. لكنه على كل حال على ثقة من أنه يعرف ذلك .. فالسيد يعرف كل شيء .. السيد دائما يعرف كل شيء !
 
                                           تمت
للحصول على الرواية كاملة بصيغة pdf من  هنا

 

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لويز بيت، دوقة الموت : السفاحة المبتسمة ! Louise Peete: Duchess of Death

  لويز بيت .. بدموعها خدعت قضاة ومحلفين ومحققين ! النشأة الأولي : سرقة وعهر : جنوح مبكر ! جاءت " لوفي لويز بريسلار إلي الحياة في يوم 20 سبتمبر 1880 ، في مدينة " بينفيل " بولاية لويزيانا الأمريكية لأب ثري يعمل ناشرا ولديه صحيفة خاصة .. وقد كان والداها مثقفين ومن الطراز المثالي ، ولكن الفتاة التي ألٌحقت بمدرسة خاصة في ( نيوأورليانز ) قد تم طردها من المدرسة وهي بعمر الخامسة عشرة لسببين هما : السرقة وسلوك مسلك غير أخلاقي .. فقد كانت الفتاة المثقفة الثرية تمتهن البغاء في أوقات الفراغ ! جنوح مبكر وعجيب وغير مبرر إطلاقا . وكانت " لويز " غاوية للرجال فلم تستطع أن تبقي بدونهم طويلا ، وعندما وصلت إلي سن الثالثة والعشرين ، أي في عام 1903 ، تزوجت من بائع متجول يدعي " هنري بوسلي " ، وبقيا معها ثلاث سنوات ، انتهت بأن أطلق الزوج النار على رأسه ! والسبب أنه وجد زوجته المصونة برفقة رجل آخر في الفراش ، فلما واجهها كلمته ببرود وسماجة ، وثبت أنها لا تشعر إطلاقا بجريمة الخيانة التي ارتكبتها .. وأمام برودها أحترق الزوج داخليا فلم يجد حلا يريحه سوي الانتحار ...

أكبر من أن يكون ملاكا !!

  لمعت نظرة مريبة في عينيها وهي تراقب الصغير يلهو أمامها ، لم تكن هي بدورها إلا صغيرة مثله ، طفلة لم تتعد أعوامها الإحدى عشرة ، ولم تقفز بعد فوق حاجز شرود الطفولة ونزق الطبيعة الثائرة ، التي تتمشي ف هوادة ، في العروق البارزة ، ملامح رقيقة ، لكن غموضها أضفي عليها طابعا يبعدها عن القلوب ولا يقربها ، كان لها رفاق بالطبع لكنهم كانوا رفاق ضراء لا سراء ، كل مهمتهم أن يوسعوا الصغيرة سخرية ، وأن يتهكموا عليها بكل ما أوتوا من قوة ، تنمر الأطفال الذي لا يدانيه في وحشيته وقسوته شيء .. وبدورها كانت " ماري " الصغيرة أكثر تنمرا وقسوة من رفاقها المشاكسين ، بيد أن الأمر كان مختلفا بالنسبة إليها ، كان الأطفال يكتفون بإلقاء الكلمات اللاذعة ،والسخريات المريرة ، والتعريض ببقع البول التي تلوث ملاءة السرير ، نشرتها أم " ماري " علنا ،معرضة بابنتها التي ( تفعلها ) في فراشها حتى الآن ، وربما تمادوا حتى مرحلة الإيذاء البدني البسيط ، رمي حجر أو قطعة حصى ، أو دس كسرات الزجاج الحادة في طريقها لكي تؤذيها ، كلمات جارحة وأفعال مؤذية ، لكنها لا تزال في مستوي ( الأفعال الطفولية ) ، مهما بلغت قسوتها ...

قضية " راشيل دوبكينز " The Murder of Rachel Dobkin.

  قضية قتل غريبة ومميزة اُرتكبت في خضم الحرب العالمية الثانية، والتي لم يتوقع أحد أن يتم الكشف عن مرتكبها نهائيا، بل ربما الجاني نفسه لم يتخيل أن القضية ستسجل كجريمة قتل عمد على الإطلاق . في البداية نقول أن الجاني كان ذكيا جدا، إذ أنتهز فرصة اشتداد الحرب العظمي الثانية، وازدياد عنف الغارات الألمانية على مدينة لندن، ليحاول اخفاء سر جريمته، التي أعتقد أنها يسوف تعتبر حالة وفاة ناجمة عن القصف الجوي، ولن تعلق به أية شبهة، تاريخيا تعرضت بريطانيا لسلسلة ممنهجة ومطردة من الغارات والهجمات الألمانية، التي ركزت جهودها على تدمير عاصمة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، فبدأت القوات الجوية الألمانية من يوم 7 سبتمبر عام 1940 في قصف لندن في غارات منتظمة وكبيرة، مخلفة خسائر مهولة، وذلك تنفيذا لأوامر الفوهرر المتعلقة بذلك الأمر والتي صدرت قبلها بيوم واحد، وبلغ من عنف تلك الغارات وشدتها أنها تسببت فيما عرف بحريق لندن الثاني ( 29 ديسمبر 1940)، وقد بلغ من جسارة الألمان أنهم لم يتورعوا عن صب نيران طائراتهم على لندن حتى في وضح النهار، لكن وبداية من شهر نوفمبر 1940م أصبحت الغارات ليلية بشكل أساس...

الهفوة التي قضت على 22 مليون إنسان .. كيف أدي عناد رجل واحد إلي تحطيم العالم !!

  بعضُ الأخطاء التي وقعت كانت قدريةً بنسبة مائة في المائة, لم تكن ناجمة عن غباء أو خطأ في الإدراك لدى مقترفها, بل بشكل كامل هو تدبيرٌ من فعْل القضاء والقدر, وفي حالات معينة يكون هذا الخطأ سببًا ليس في دمارِ حياة إنسان ما وحسب, بل ربما- ولا سيَّما في حالتنا هذه- قد يكون سببًا في خراب العالم وتدمير حياة الملايين من الناس الأبرياء! أشهرُ هذه الأخطاء القدرية الصِّرفة هو الغلطة التي وقع فيها وليُّ عهد النمسا والمجر, الأميرُ المكروه الذي يتميز بالصَّلافة والغطرسة, وليّ العهد الذي وصلت إليه معضلةُ الوراثة دون انتظار, ولسبب جريمة غامضة وحادثة شهيرة حدثت لمن كان وريثًا شرعيًّا ومؤكدًا لعرش هذه الإمبراطورية, التي لم تعمِّر طويلًا, وحفل تاريخها بالمآسي والرزايا, واستكمالًا لتربُّص القدر بمملكة النمسا والمجر, وصلَ وليُّ العهد, الأرشيدوق "فرانز فرديناند" Archduke Franz Ferdinand 50 عامًا, وزوجته الأميرة "صوفي" Sophie , 46 عامًا, يوم 28 يونيو عام 1914م, إلى مدينة سراييفو, العاصمة الرسمية لإقليم البوسنة والهرسك, الذي كانت إمبراطورية النمسا تضع يدَها عليه, بمعنى أنَّ الزيارة كانت ...

القضية الغريبة ل " آلان روبيشو" ! The Mysterious Death of Allen Robicheaux

  بالرغم من أنَّ قصتنا هذه المرَّة لا تتضمن جريمةً بالمعنى المعروف, أي عدوان أو أذى من نوع ما يوقعه شخصٌ بشخص آخر؛ فإنها تضمَّنت لغزًا مروِّعًا احتاج لعشرين عامًا كاملة ليتم حلُّه, وتدميرًا لأسرة, وحياة بائسة لامرأة مسنَّة قضت نحبَها وهي لا تعرف أين زوجها, أو ماذا حصل له؟! إنَّ قضايا الاختفاء الغامض كثيرة, وتقريبًا تبدأ كلها بنفس الطريقة؛ يعود شخص ما إلى المنزل ليجد أحد أقاربه وقد اختفى, أو يخرج أحدهم في رحلة عملٍ أو نزهة ثمَّ ينقطع أثره, ولا يعرف أحدٌ أين ذهب. كان الشخص الذي اكتشفَ حالة الاختفاء هذه المرة هي الزوجة "لوسي ماي", سيدة في السبعينيات, تعيشُ في منزل بشارع فرانكلين/ جريتنا/ لوس أنجلوس, وكان من الواجب أن يكون زوجها "آلن روبيشو" Allen P. Robicheaux موجودًا بانتظارها يوم 15 ديسمبر 1973م عند عودتها من زيارة عائلية, لكنه لم يكن كذلك. انتظرت المرأة عودةَ زوجها لكنه لم يعدْ, لا في هذا اليوم, ولا فيما تلاه من أيام, فأينَ يمكن أن يكون الرجل ذو الثلاثة والسبعين عامًا قد اختفى؟! لم تكن هناك دلائلُ على حصول عنفٍ في المنزل, لا مذكرات تقول إنَّه ينوي مغادرة البيت لبضع...

معطف الحرب الأزرق ( قصة قصيرة )

    تسير وسطهم مرفوعة الرأس ، ترمق الطريق الملقي أمامها بنصف عين ، وعين ونصف عليهم .. كان مصيرها معروفا ونهايتها مكتوبة من قبل ، وقد تجرعتها ألوف النسوة قبلها .. خرجت من بيتها مرتدية آخر معطف عندها ، بلا قميص حقيقي تحته ، إنه صدر سترة أخيها وكمي زوجها الراحل ، المغدور الأول والمغدور الثاني ، القتيل الأول والقتيل الثاني ، من بين ألوف وملايين الأسماء .. ماذا كان اسميهما ؟! لعل أحدا لم يسأل هذا السؤال بينما كان يتم إلقائهما في حفرة ضحلة ، ورمي الجير فوق جثتيهما .. ولعلهما يرقدان في قبر واحد فقد ظلا دوما معا ! فقدت الأخ والزوج ، صديق الدم وصديق الرفقة والقلب ، صارت وحيدة وتهدمت المدينة فوق رأسها ، مثلما تهدم بيتها وسقط العالم مكوما فوق بعضه .. لماذا لا يموت الجميع في لحظة واحدة ؟! لماذا يبقي البعض ليدفن البعض ، ثم يلحق بهم بعد أوجاع وآلام ولحظات مريرة ، الجير الحي مخيف ، وطلقة في الرأس مخيفة ، لكن الوحدة وسط وحوش متربصة أكثر تخويفا وترهيبا ! هجر الجميع المدينة ، من بقي على قيد الحياة ، إن كان قد بقي أحد على قيد الحياة ، لا ينجو أحد من الحرب ، فيما عدا القتلى وحدهم ربما ، يعاين الأ...

الرجل الذي حول زوجته إلي نقانق !

  "لويزا بيكنيز"   Louisa Bicknese هي امرأةٌ أمريكية سيئةُ الحظ, في البداية بدَا وكأنها أكثرُ النساء حظًّا في العالم؛ إذْ تزوَّجت برجل مهاجر, ألماني الأصل, ورجلِ أعمال ثري, يملك أكبرَ مصنع للنقانق في شيكاغو. كان الزوج يدْعى "أدولف لوتجيرت" Adolph Louis Luetgert , وكان أرملَ معَ طفلين, تزوَّجته "لويزا" عام 1878م, وعاشا معًا حتى عام 1897م, حيث رزقَا بأربعة أطفال. كان للسيد "لوتجيرت" مصنعٌ شهير للنقانق, ولُقِّب بملك النقانق, لكن طباعه كانت سيئةً إلى حدٍّ ما, فقد كان عنيفًا تجاه زوجته, كما شوهِد ذاتَ مرَّة وهو يطاردها حاملًا مسدسًا. لكن على أي حال, ففي أوَّل أيام شهرِ مايو من ذلك العام خرجتِ الزوجة لزيارةِ أختها, وقال الأبُ ذلك لأطفاله حينما سألوا عنْ والدتهم في اليوم التّالي, غير أنَّ "لويزا" لم تعدْ من زيارة أختها مطلقًا. بدأتِ الشكوك والتساؤلات, ولاحقًا قامَ شقيق الزوجة المفقودة بالإبلاغ عن فقدانها. ثمَّ ظهرت أدلةٌ مقلقة حول تورُّط الزوج في مصاعبَ مالية, وعلاقته بأرملةٍ ثرية, مما دفع البعضَ إلى الاعتقاد بأنه تخلص من زوجته ليتزوَّج الأرم...