في بداية المساء تحركت الحملة المدججة بالسلاح .. في
المقدمة سار " دولين " صياد الحيوانات المفترسة الشهير بجسده العملاق
وعضلاته المفتولة ، ومن خلفه جاءت بقية الرجال .. كانت الثقة ترفرف على ذلك الجمع
السعيد المأمن جيدا .. فما الذي يستطيعه ذئب متوحش ، مهما بلغت قوته وشراسته ، في مواجهة تلك الثلة المباركة
من الصيادين والمطاردين المهرة الشجعان ، الذين لا يخافون شيئا .. ولا حتى الموت نفسه
؟!
عموما بدأت الحملة التوغل داخل الغابة الهادئة الصامتة ،
متوقعة العثور على الذئب المتوحش ، الذي روع المقاطعة بأسرها ، وقتله في أسرع وقت
..
ابتسم " دولين " عندما سمع رجاله يعبرون عن
أملهم في العثور على ذلك الذئب اللعين والتخلص منه في أسرع وقت ، وصاح بقسوته
المعتادة وهو يضحك ضحكته الجهورية :
-" كلا .. سنصطاده حيا يا رجال وسنحمله إلي البلاط
.. جلالة الملك " لوي " يحب الحيوانات الغريبة والطريفة ! "
كان " دولين " يتحدث من نفس مفعمة بالثقة ، والتأكد
من الفوز المبين .. كان يعتقد جازما أنهم بصدد رحلة صيد صغيرة ، يوقعون فيها بذلك
الشيء المتوحش ويحملونه عائدين به إلي حيث يشاءون .. وبالفعل كان الأمر مجرد رحلة
صيد صغيرة .. لكن من الذي سيصطاد من تلك كانت المشكلة !
المشكلة الأكبر أنهم لم يكادوا يتوغلون مسافة كافية ، والقمر
يطل عليهم من أعلى ساخرا من سذاجتهم ، حتى فوجئوا بالكائن الضخم المخيف ينقض عليهم
بعنف ، دونما أدني خوف منهم أو من الأسلحة التي يحملونها .. الأغرب أن الوحش بدأ
هجمته الأولي على قائدهم " دولين " مباشرة ، وكأنه يعرف أنه هو قائد
ورئيس تلك الجماعة من الرجال القادمين لقتله والتمثيل به ، وأنقض عليه ممزقا إياه
أمام عيونهم .. بينما انطلقت أسلحتهم النارية كلها في ذات اللحظة نحوه !
...
جري " ايزيا " مبتعدا بذعر تاركا أشلاء الطفلة
مبعثرة في كل مكان .. لقد قوطع وهو ينهش الجسد الصغير القليل اللحم ، وتلك هي
المرة الأولي التي يقاطع فيها ولا يستطيع أن يكمل التهام وجبته ..
كان قد أوقع بالطفلة المشردة على مشارف الغابة ، حيث آوت
الفتاة إلي أجمة عالية اختبأت خلفها .. لكنه أوقعها ومزقها منفذا تعليمات رغباته
الوحشية الداخلية فليس .. أجمل من لحم الأطفال البض اللين اللذيذ !
هكذا علمته جماعته الصغيرة من الذئاب ، ومع إن الطفلة كانت
نحيلة قليلة اللحم ، إلا أنها مثلت له وجبة طيبة معقولة خاصة بعد القحط الذي أصابه
خلال الأيام الماضية .. فهو لم يوقع صيدا منذ أكثر من أسبوع ، باستثناء ذلك المدلل
البدين التافه الذي كان لحمه ، لشدة العجب ، شديد الرداءة.. لذلك كان يحتاج لدافع
بالغ القوة ليحمله على ترك تلك الوجبة الصغيرة الطيبة .. لكن من لديه الشجاعة
ليدعي أن أصوات طلقات رصاص كثيفة ، وعشرات الأقدام التي تهرول مقتربة من مكمنه
الآمن ليست دافعا كافيا للهرب !
لقد اكتشفوا أمره ، اكتشفوا مخبئه المنعزل ، وهذا ما كان
يخشاه منذ البداية .. ترك بقايا اللحم متناثرة حول العظام الصغيرة وهرول ، والدماء
تتقاطر من أنيابه ومخالبه ، مبتعدا في قفزات سريعة ، محاولا الوصول إلي مؤخرة
الغابة في أسرع وقت .. هناك مكمن جماعة الذئاب ، التي أنضم إليها ، وهناك سيعثر على
مخبأ آمن ريثما يبتعد البشريين المزعجون عن طريقه .. إنه لم يخطط لهذا .. لم يخطط
لهذا مطلقا !
لكن تحركات البشريين كانت أكثر سرعة ، فما لبثت نصف دستة
من الرجال المدججين بالأسلحة أن اقتربت منه بشكل خطر .. سمع أصوات تهشيم الأفرع
الشجرية بكثافة تحت أقدامهم القاسية الضخمة ، فأيقن أنهم على بعد خطوات منه ..
أتجه نحو أشد مناطق الغابة كثافة وإظلاما ، لكن القمر الذي كان منذ بداية الأمر
أحن صديق عليه ، صار الآن عدوا .. فتسللت أشعته الفضية وأضاءت أعالي الشجر ، وساهمت
مع ما يحمله الرجال من مشاعل في تحويل الغابة المظلمة دائما إلي بقعة تسبح في
الضياء .. وتلظي " ايزيا " بين ضوء القمر البارد وضوء النار الحار فأيقن
بالهلاك وأنه ساقط لا محالة بين أيدي أعدائه !
تلفت حوله بسرعة محاولا العثور على ملجأ يحميه .. تراجعت
جماعات الذئاب ، واندفعت هاربة لاحقة بالحيوانات الأخرى ، محاولة التواري لأبعد
مدي عن أعين وأيدي البشر المسلحين .. عجز " ايزيا " عن اللحاق برفاقه
وداهمه الوقت فتأخرت فرصة النجاة كثيرا ، بينما تعالت أصوات صرخات الرجال الغاضبة
وترددت أصداؤها المخيفة في أرجاء الغابة .. اندفعت المزيد من جموع الحيوانات
الآمنة هاربة أمام الزحف البشري ، وبدأ بعض الصيادين الغاضبين المصدومين يشعل نارا
في الأفرع المتدلية من الأشجار الضخمة ، فأمسكت النيران بالأشجار وبدأت طيور الليل
التي اعتلت قممها تحلق صارخة بغضب ..
اندفعت آلاف من طيور البوم محلقة ، وحفيف أجنحتها ، غير المسموع
، صار واضحا الآن بسبب وجود الآلاف منها تطير في وقت واحد .. تعالت الأصوات أكثر
وأكثر ، وتصاعدت الأدخنة من الأفرع والأغصان المشتعلة ، بينما تصاعدت ألسنة
النيران الكثيفة منذرة باندلاع حريق لا تحمد عقباه في الغابة بأسرها .. اقتربت ثلة
من الرجال المسلحين أكثر فأكثر .. بينما أندفع " ايزيا " المذعور محاولا
الهروب بأية طريقة .. اختبأ وسط أجمة ضخمة ملتفة بعيدة عن خط سير الرجال وعن مرمي
أسلحتهم التي يطلقونها بعشوائية جنونية على كل ما يتحرك أمامهم .. كان رجال الحملة
قد جنوا وفقدوا صوابهم بالفعل ، بعد رؤيتهم لكبيرهم وهو يمزق شر ممزق أمام عيونهم
في لحظات قليلة ، أما نيرانهم ، التي
انطلقت على الوحش المهاجم فلم تصبه أقل إصابة ولم تؤثر فيه أدني تأثير ، فقد
أفقدتهم المفاجأة صوابهم تماما .. حملوا أشلاء " دولين " ونحوها عن
الطريق جانبا وأبقوا رجلين لحراستها ثم انطلقوا داخل الغابة .. عازمين على قتل كل
ما يتحرك أمامهم والإجهاز على الغابة بأكملها .. فقد هداهم غبائهم وذعرهم إلي أن
النار واحتراق الغابة قد يجبران ذلك الوحش على الخروج لهم والظهور أمامهم مرة
ثانية !
لكن الشيء الذي لم يكن رجال حملة " دولين "
يعرفونه ، ولم يكن " دولين " ، قدس الله روحه الصاعدة لتوها ، نفسه
يدركه .. أنه ثمة وحوش كثيرة في تلك الغابة تستحق القضاء عليها وليس ذلك المستذئب
فقط !
كان " ايزيا " وسط الأجمة يرقد مرتعشا مذعورا
حينما فوجئ بمن يقتحم ملجأه الآمن بقسوة ووحشية .. تجمد الدم في عروق " ايزيا
" النافرة ، وتهيأ للدفاع عن نفسه حينما وجد نفسه ، لسوء الحظ ، يرتجف ذعرا
أمام آخر شيء يتمني أن يراه أو يعثر عليه الآن .. فعلى قيد خطوات من موقفه وجد
" ايزيا " نفسه بإزاء كائن ضخم .. شرس المنظر مفتول العضلات ، قوته
مفرطة وعضلاته التي مزقت ثيابه تظهر فرط قوته .. أنيابه المطلة من بين شفتين
ممزقتين ، وعيونه التي تشبه المجمرة وتكاد تطلق الشرر أنبأت " ايزيا "
بأي نوع من المخلوقات يواجه الآن .. لا غرو أن أيدي البشر أكثر رقة وحنانا !
من جانبه كان " أنسيل " ، بعد أن أكتمل تحوله
المضاد ، ينعم النظر في ذلك الشيء الرابض مرتعشا مرتجفا أمامه .. إنه لم يدرك أو
يكتشف وجوده سوي الليلة فقط !
اثنان من ذلك النوع في غابة واحدة هو أكثر مما ينبغي ..
لكن محنة الهروب ألغت كل الاحتمالات القائمة الآن ، وعلى رأسها المواجهة ومعركة في
ضوء القمر بحضور الرفاق من الذئاب ، لتحديد أيهما الأحق بالصيد في تلك الغابة ..
في منطقة النفوذ الخصيبة تلك !
نظر الدخيل الجديد للدخيل القديم نظرة نارية مفعمة
بالغضب والشكر .. لقد طابت نفس " أنسيل " حقا .. فقد أدرك من الذي قتل
الراهب المسكين الآن !
...
في شكل حلقة ألتفت النسوة الشابات .. كن مجموعة من
النساء المتفاوتات في أشكالهن ، وملامح وجوههن وثيابهن وتسريحات شعورهن وفخامة أو
رثاثة ملابسهن ، وألوانها ونوعية أقمشتها .. لكن كلهن .. كلهن كن في شرخ الشباب ،
بجمال أخاذ ، وجلود مشدودة ناعمة تبدو كقطعة الزبد .. لا عجوز بينهن ، ولا وسط
، فكلهن يسلن شبابا وملاحة ومجونا ..
ووسطهن وقفت واسطة عقدهن وأكثرهن جمالا ودلالا .. " سيلمين " ذات الشعر
الأشقر الكثيف الذي يغطي ظهرها ، وينسدل حتى أعلى ساقيها .. حول النار ألتفت حلقة
النسوة الجميلات وبجوارها وقفت الشقراء الفاتنة تؤدي رقصتها .. رقصة السبت الخالدة
المتميزة !
تلك المرأة ، إنها
لا ترقص يا ربي .. إنها تداعب الكون بحركاتها الرشيقة الخفيفة اللعوب فيكاد يئن من
الوجد تحت قدميها .. بالقرب من النار المشتعلة ، وحول مجال نفوذها أخذت " سيلمين
" ترقص مرفرفة فوق الكون وتقيم الدنيا وتقعدها، تحت وقع حركاتها الرشيقة .. حتى النساء
المتجمعات حولها سحرتهن " سيليمن " برقصتها الأورفية الحالمة ، فتخلين عن طبيعة المرأة المتأصلة في الغيرة من
بنات جنسها ، وأخذن يكلن المديح للراقصة ..
التي أخذ شعرها المفرط الطول يلتف ويدور ويتموج حولها متناغما مع حركاتها الطائرة ،
وكأنها يشاركها الرقص والحلم والسعادة ، ويطالبنها بالمزيد من الرقص والتموج مع
الكون ومجراته .. كانت المرأة سعيدة تلك
الليلة بحق .. سعيدة حتى الصراخ والرقص والموت .. لقد حققت أعظم انتصارات حققتها
في حياتها ، وجعلت كل ساحرات ( شيفلدان ) يبدون فتيات غرات جاهلات أمامها .. منذ
متى لم تتمكن أية ساحرة في أوربا بأسرها من تحقيق ما حققته " سيليمن "
بمفردها ؟!
إن تلك المرأة الرقيقة الجميلة قد أرعبت المقاطعة بأسرها
، ونشرت الرعب بين سكانها السخفاء وعلمتهم كيف يبتعدون عن طريق الساحرات ويخشون
سطوتهن ، ويتركوهن يسبتن في الظل الرطيب دونما تطفل أو حشر أنوفهم فيما لا يعنيهم
!
كم هي سعيدة بالرعب الذي سيطر على أولئك الملاعين
المتجبرين .. هتفت إحداهن في سعادة ظاهرة :
-" منذ متى لم نستمتع بسبت هادئ كهذا يا فتيات ؟!
"
ضحكت بعضهن وهمست " إيفينال " بدلال :
-" ومنذ متى ونحن نحب السبوت الهادئة يا فتيات ؟!
لكنني لا أشكو وسأكون شاكرة لو حظينا بسبت كهذا كل قرن ! "
تجاوبت الضحكات المائعة من النساء من كل جانب ، بينما
رفعت " سيليمن " ذيل ثوبها كاشفة عن قدميها لتؤدي طقس الغمس .. في النار
!
تنبهت النسوة جيدا ولاحظن بإعجاب ، وبعضهن بحسد ، كيف
تقوم ذات الشعر الأشقر بذلك الطقس ببراعة .. لقد اقتربت " سيليمن "
بهدوء من النار المتوهجة ، ثم تمتمت ببضع كلمات غامضة ، فتوهجت النار أكثر وألقت
بالشرر في كل صوب ، بينما تقدمت هي وغمست قدميها حتى أختفي كاحليها في غمرة النار
.. خطت " سيليمن " فوق النار ، واجتازت قلبها بجسارة متخطية سبع من
رفيقاتها إلي الناحية الأخرى وهي لا تزال ترقص بثبات وهدوء .. تنهدت "
إيفينال " عميقا وهتفت مخفية غيظها الداخلي :
" لقد أتقنتها يا فتاة ! أنت تتقدمين يوما عن يوم
يا " سيليمن " ولن يطول الزمن حتى تدانيني في مهاراتي يا صغيرة ! "
فور انتهاء " إيفينال " من جملتها انطلقت
الساحرات يضحكن بأصوات عالية ماجنة ، بينما لم تبدي " سيليمن " أي
اهتمام أو اكتراث بما قالته منافستها الغيورة .. كانت النسوة يسخرن بضحكهن المكشوف
من " إيفينال " المسكينة ، التي تظن نفسها تتفوق على " سيليمن
" ، التي تمكنت من تركيع ( شيفلدان ) وسكانها وسلطاتها الخائرة كلهم بضربة
واحدة !
قالت " بييل " وهي تواصل ضحكها الماجن الساخر
:
-" نعم حقا صدقتي يا " إيفينال " كم
مستذئبا أطلقت يا ذات المهارات ذلك القرن ؟! "
زادت جملة " بييل " من حمية الضحك والسخرية من
" إيفينال " ، وثقتها الزائدة الزائفة بنفسها .. لكن " سيليمن
" أوقفت تلك الموجة من المرح عندما توقفت فجأة عن الرقص والتفتت إلي الفتيات الرابضات
حولها وسألتهن بقلق :
-" من قال إنني أنا التي أطلقت مستذئبين على سكان
شيفلدان ؟! "
ران الصمت فجأة على النسوة كلهن ، ونظرن لبعضهن متعجبات
أو مستفهمات .. بينما هتفت " إيفينال " أطولهن لسانا عادة بإصرار:
-" دعك من الإنكار يا فتاتي فهو لن يفيدك هنا ! نحن
نعلم جيدا أنك أنت من أطلق هؤلاء المستذئبين على سكان تلك المقاطعة اللعينة ، وإننا
لنحييك على ذلك من قلوبنا .. لكنك لم تخبريننا كيف تمكنت من مسخ هؤلاء الثلة من
المسوخ العملاقة ؟! "
بدأت القليل من النسوة يضحكن ثانية ، بينما تصلبت ملامح
" سيليمن "وهي تسمع رفيقتها " دابني " تحييها بنشوة قائلة :
-" نعم نعم عمل جيد يا فتاتي ! لكن تراك لما لم
تطلقي المزيد من تلك المسوخ المتعطشة للدماء عليهم .. فهم يستحقون أكثر من مجرد
مستذئبين أثنين ! "
بملامحها التي لا تزال متصلبة سألت " سيليمن "
وقد ظهرت بوادر الانزعاج على وجهها :
" من قال إنهما مستذئبين ؟! ليس هناك في غابات
شيفلدان على حد علمي سوي مستذئب واحد فقط ! "
بهتت النسوة لكلامها ، في موقف آخر كن سيكذبنها وسيسخرن
منها .. لكن ملامحها حملت إليهن رسالة صدق لا يمكن إغفالها ، أو الشك فيها .. طفت
ملامح القلق على وجوه بعض النسوة وقالت إحداهن بغير ثقة :
-" ربما كان المستذئب الثاني من عمل إحداكن يا بنات
ولا تود إخبارنا .. هل قمتن بتحويل مستذئبين قريبا دون علمنا ؟! "
تبادلت الساحرات النظرات القلقة ، وبدأت الهمسات الخائفة
تتبادل بينهن .. قالت إحداهن بذعر :
-"أليس من المعقول أن ساحرة خارج جماعتنا هي التي
حولته ؟! "
كانت تقصد المستذئب الثاني ، الذي لا تعرف إحداهن من
يكون بالضبط ..
لكن " سيليمن " ردت عليها بحدة مخرسة إياها :
-" لا ساحرات خارج جماعتنا يا بلهاء .. نحن جماعة
الساحرات الوحيدة في البلاد كلها ! ولا واحدة مننا فعلت ذلك .. أنا حولت واحدا فقط
وأنا أعرف هذا جيدا كما تعرفنه فمن حول الثاني ؟! "
لم تتلق الساحرة العتيدة جوابا على سؤالها الملح ، فتولت
هي الإجابة بنفسها :
-" لم تحول الثاني إحدانا ولا أحد غيرنا بقادر على
فعل ذلك ! أتفهمن ما الذي يعنيه هذا أيتها الشمطاوات .. إن المستذئب الثاني متحول
طبيعيا وليس بأيدي ساحرة ! "
هنا هبت النسوة واقفات بفزع ، وبدأن يجمعن حاجياتهن
بلهفة ولهوجة فزعة .. رمقتهن " سيليمن " بنظرة ضيق وانزعاج من جبنهن
وخوفهن المبالغ فيه .. لكنها التمست لهن العذر .. فقد كن على حق تماما في الإصابة
بكل ذلك القدر المستفحل ، الذي هو في الحقيقة أقل مما يجب ، من الذعر والفزع ..
فلقد فهمن كلهن جلية الأمر !
إن المستذئب الثاني لم يكن عمل يد ساحرة .. بل هو من
أعمال الطبيعة الأم .. لقد حولت الأم الكبرى أحد أطفالها لمستذئب ، وهذا يعني أنه
ليس تحت سيطرة إحداهن وتحكمها .. إنه خارج السيطرة .. وخطر .. خطر جدا .. حسنا إذن
.. لا مزيد من ليالي السبت هنا في تلك الغابة المخيفة .. فهناك مستذئب حقيقي ،
وليس ذلك الأخر الذي تملك " سيليمن " قياده ، يجول حرا طليقا في الغابة
.. لكن من عساه يكون ذلك المستذئب الآخر .. من عساه يكون ؟!
تعليقات
إرسال تعليق