التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مأساة " لين هاربر ".. القضية الأكثر حزنا على الإطلاق Lynn Harper tragedy case

 

أفيش فيلم ( مارلين ) 2022م

فيلم " مارلين" هو فيلم كندي حديث، من انتاج عام 2022م، ويقوم بأدوار البطولة فيه " كريستين بوث" Kristin Booth، و"جريج بريك" Greg Bryk، وقام بكتابة السيناريو " ويندي هيل توت" و" كاثي أوستلير"، والإخراج ل" ويندي هيل توت"، وتبدأ الأحداث بالفتاة الصغيرة " مارلين"، تلعب دورها في مرحلة الصغر " جوليا سارة ستون"، وهي تقرأ كتابا يتعلق بمحاكمة شاب صغير اسمه " ستيفن تراسكوت"، والذي أتهم باغتصاب وقتل زميلة له في المدرسة، تدعي " لين هاربر"، والكتاب يفند أدلة الاتهام ضد " ستيفن" ويحاول اظهار براءته، وحين يطلق سراح " ستيفن"، بعد عشر سنوات في السجن، تتعرف به " مارلين"، ويقعا في الحب، ثم يتزوجا، وتقضي " مارلين تراسكوت"، الزوجة المخلصة والمؤمنة بقضية زوجها، بقية حياتها محاولة الحصول على حكم بتبرئة اسم زوجها، وهو ما يتحقق أخيرا، بعد سنوات طويلة من الصبر، وعقبات لا نهاية لها، وشهادات زائفة وغيرها !

القصة الحقيقية وراء المعالجة السينمائية

قصة الفيلم الهادئة، والرومانسية نوعا، تبدو أكثر درامية ولا معقولية بحيث أن كثيرين قد يعتبرونها ضربا من الخيال السينمائي، لكن الحقيقة فإن القصة الواقعية التي ترتكز عليها أحداث الفيلم هي أشد غرابة، وأكثر اثارة للرعب والتساؤلات من العرض المخفف الذي قدمته السينما الكندية .

فلا أحد يمكنه أن يصدق أن صبي صغير، طفل في الواقع، أتهم ذات يوم باغتصاب وخنق زميلته، التي لا تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، وحكم عليه بالإعدام، وبقي شهورا يبكي ويرتعد رعبا منتظرا أن يتدلى من حبل المشنقة، بينما كل الأدلة ضده لم تكن تزيد عن آثار عجلات دراجة، وخمسة وأربعين دقيقة فاصلة بين الحياة والموت !

قصة مقتل الطفلة " لين هاربر" Lynn Harper الحقيقية تثير الرعب والحزن، خاصة حين يعرف الجميع أن هذه الفتاة البريئة ذهبت حياتها هدرا، ولم يقبض على قاتلها الحقيقي أبدا، رغم مرور أكثر من ستين عاما على مقتلها البشع والمروع ( 64 عاما تحديدا في عام 2023م)، فما الذي حدث بالضبط، وكيف أنتهي الحال بصبي صغير قيد الاتهام في جريمة خطيرة كهذه، وكيف كان لرغبة السلطات في تقديم كبش فداء بسرعة للرأي العام المستشيط غضبا من بشاعة الجريمة، وانعدام ضمير طبيب شرعي، لم يقدر أبدا أن سطر واحد في تقريره سيؤدي إلي سوق صبي صغير إلي حبل المشنقة دون ذنب، دور في أن تتخذ القضية طريقا خاطئا تماما، وتساعد كل هذه العوامل الجاني الحقيقي على الإفلات بجريمته، وإلي الأبد ؟!

القصة المأساوية كلها بدأت يوم 9 يونيو عام 1959م، وكان يوم حار في كلينتون، ولاية أونتاريو clinton ontario، كندا، في هذا اليوم قررت الطفلة " لين هاربر" 12 عاما أن تتغلب على حرار الجو عن طريق السباحة، وأخذت الإذن من والديها تم ذهبت، كان من المفترض أن تعود خلال وقت قصير، لكن غيابها طال، بقيت العائلة، المكونة من والديها وأخوين أحدهما أكبر منها والآخر يصغرها بأعوام، تنتظر عودة ابنتها الوحيدة طيلة الليل، وفي الصباح قرر الأب أن يذهب ليسأل زملاء " لين" عنها، إذ ربما يكون أحدهم قد رآها في مكان ما، وبالفعل كان زميلها " ستيفن تراسكوت" steven truscott، ويكبر " لين" بعامين، قد رآها في ذلك المساء، طلبت منه توصيلها إلي النهر بدراجته، ففعل ثم أنزلها ووقف قليلا يراقبها، وجد أنها ابتعدت عن ضفة النهر، واستقلت سيارة شيفروليه بيضاء، لم يستطع " ستيفن" من مكانه ملاحظة وجه السائق، ولم يهتم إذ سيكون غالبا أحد معارف عائلة " هاربر"، وإلا لما أقدمت الطفلة على الركوب معه بتلك البساطة، لكن في الحقيقة فإن إهمال " ستيفن" الصغير سوف يكلفه بقية سنوات حياته، وكثيرا من الألم والخوف وكابوس سوف يجثم على صدره بقية أيام حياته !


                                    الطفلة الضحية " لين هاربر "

أبلغ " ستيفن" والد الفتاة بما رآه، وحين لم تعد البنت حتى انقضاء صباح اليوم التالي، سارع أبوها بإبلاغ الشرطة، التي ظنت الأمر لا يتعدى طفلة صغيرة هربت من بيت والدها لآنها غاضبة، كانت " لين" قد دخلت في خلاف صغير مع أبويها ليلة اختفاءها، وبدأت عملية تفتيش السيارات المارة على الطريق بحثا عن الطفلة الهاربة، لكنهم لم يجدوا لها أثرا، وحين ذلك تأكدت السلطات أن الأمر أكبر من مجرد بلاغ عن هروب فتاة صغيرة، فتم تجميع عدد من رجال الشرطة والمتطوعين لتفتيش المنطقة كلها بحثا عن " لين"، التي ينتظر الجميع العثور عليها حية وفي حالة جيدة، لكن وفي نهار يوم 11 يونيو، أي بعد اختفاءها بيومين، وجدت " لين" في منطقة أشجار تسمي ( دغل لوسون) Lawson's Bush، لكنها كانت في حالة رهيبة، ملقاة وسط الشجيرات، نصفها الأسفل عاري، ووضعيتها تدل على أنها اغتصبت، كما أنها كانت ميتة، تم خنقها حتى الموت، وتُركت في الأحراش في حالة مزرية ومرعبة، وخارج المنطقة التي وجدت فيها، عثر على أول دليل يمكن الاستناد إليه للقبض على القاتل المغتصب المجهول، آثار عجلات دراجة على الطين، لكن إلي من تعود تلك الدراجة يا تري ؟!

كانت الإجابة سهلة، ولم تشأ السلطات أن تتعب نفسها في التحري والبحث، فالآثار تعود إلي دراجة الفتي المراهق " ستيفن تراسكوت"، زميل " لين" في المدرسة، والذي أعترف بأنه كان معها وقام بتوصيلها في ليلة اختفاءها، إذن فهو المتهم الأول والوحيد في تلك الجريمة المروعة !

                ستيفن تراسكوت : كان كبش الفداء الوحيد رغم أنه طفل !

لكن بقي سؤال تساوي اجابته مليون دولار، تساوي اجابته حياة طفلة أُخذت غدرا، وحياة صبي يمكن أن يُساق إلي المشنقة : فمتي ماتت " لين هاربر" بالضبط ؟!

هذا السؤال وإن بدا سهلا وقليلا جدا في عدد كلماته، إلا أنه كان عويصا وشائكا، وفي الفترة التي وقعت فيها الجريمة، عام 1959 وما قبله، كان التحديد الدقيق لساعة وفاة شخص ما أمرا صعبا جدا، ويستلزم تقنيات وموارد علمية لم تكن متاحة وقتها، في الأساس فإن تحديد ساعة الوفاة بدقة هو أمر معقد علميا إلي أقصي درجة، وتتدخل فيه عوامل كثيرة مثل وزن الميت وحالته الصحية، وطريقة الوفاة نفسها، والمكان الذي تركت فيه الجثة، مكان مفتوح أو مغلق، وهل تم تجميد الجثة أو محاولة حرقها، أو معالجتها بمواد كيميائية تبطيء عمليات التحلل وتؤدي إلي ايقاف بعض مراحل التحلل، أو عكسها في بعض الأحيان، كل ذلك ونحن في زمن تقدمت فيه وسائل البحث الطبي الجنائي تقدما مذهلا، ومن المفروغ منه أن جريمة مقتل " لين هاربر" تمت في زمان كان فيه العلم لا يزال يتقدم بخطوات أقل سرعة بكثير من زمننا هذا، في كل الحالات فإن الخبراء اعتمدوا على عنصرين أساسين لمحاولة تحديد متي ماتت الطفلة بالضبط، هو حالة التصلب الرمي (Rigor mortis) التي وصلت إليها، وحالة الطعام الموجود في معدتها، ودرجة الهضم التي وصل إليها !

بالإضافة إلي ذلك كان يجب التوصل إلي دليل قطعي حول المكان الذي قتلت فيه بالضبط، لأن مقتلها في دغل لوسون نفسه كان يضع الجريمة في توقيت معين، بينما احتمالية أن تكون قد قتلت في مكان آخر، ونقلت جثتها إلي الدغل تعني أنها ربما وضعت في مكان بارد جعل عوامل التحلل الطبيعية تتأخر في إحداث التأثير المطلوب .

                              مسرح جريمة " لين هاربر " المأساوية 

من خلال معاينة مسرح الجريمة ثبت أن الضحية " لين" قد تعرضت لإصابات منها اصابة في كتفها، وكانت الدماء الجافة تحيط بالجرح مما يعني أن جريمة القتل تمت في نفس المكان، وأن الجثة لم يتم التعامل معها بأي شكل، فلم يحاول أحد تنظيفها أو تجميدها وخلافه، ولذلك فقد أصبح من المؤكد أن الطفلة قتلت حيث تم العثور عليها، ولهذا الاستنتاج معني مهم جدا وخطير، فأي شخص سوف يثبت تواجده بالقرب من المكان الذي وجدت فيه جثة " لين"، وفي التوقيت المفترض للجريمة، كان سيصبح تلقائيا متهما بقتلها، لكن من هو تعيس الحظ الذي ينطبق عليه الشرط الأخير ؟ إنه الصبي " ستيفن تراسكوت" ولا أحد سواه !

في التوقيت المحدد للوفاة، جاءت نتائج تحليل الطعام المهضوم في معدة الضحية، والذي قام به الطبيب الشرعي الذي تولي فحص الأدلة الجنائية الخاصة بالقضية دكتور " جون بينستان" Dr. John L. Penistan لتحصر توقيت الوفاة الدقيق بين الساعة السابعة والربع والسابعة وخمس وأربعين دقيقة من مساء يوم التاسع من يونيو، ثلاثين دقيقة مثلت حبل مشنقة ألتف حول عنق صبي مراهق صغير، لأن هذا التحديد الزمني يقع في نفس التوقيت الذي كانت فيه الضحية " لين" برفقة " ستيفن"، وهكذا تقرر أن يحاكم الصبي كبالغ، نظرا لخطورة القضية، وشدة ثورة الرأي العام، ومن ثم صدر الحكم يوم 30 سبتمبر من نفس العام، على " ستيفن موراي سكوت" بالإعدام شنقا، في سابقة لم تحدث من قبل في التاريخ الجنائي الكندي، وهو الحكم على شخص أقل من ثمانية عشر 

عاما بالموت !


دكتور جون بينستان : لف بتقرير التشريح الذي أعده حبل المشنقة حول عنق صبي في الرابعة عشرة من عمره !

وهكذا وجد طفل في الرابعة عشرة نفسه يتهيأ لتنفيذ حكم الإعدام، بينما هو مصر ومتمسك ببراءته، خلال فترة الانتظار الطويلة المرعبة لم يغير " ستيفن" حرفا من روايته، وحاولت عائلته التماسك وتقديم الدعم النفسي لابنها في هذه المرحلة الصعبة جدا، لكن في شهر يناير من العام التالي ( 1960م) أصدرت حكومة رئيس وزراء كندا " جون ديفين بيكر" قرارا بتخفيف الحكم الصادر بحق " ستيفن تراسكوت" من الإعدام إلي السجن المؤبد !

لكن القصة لم تنتهي عند ذلك الحد، لأن الصبي المدان، الذي حولته سنوات السجن العشرة، التي انتهت بإطلاق سراحه بشروط في أكتوبر 1969م، من صبي مرعوب وخائف، إلي رجل بالغ متمسك بحقه في التبرئة وتنظيف اسمه، قد قرر أن يخوض معركة طويلة وشاقة ضد النظام العدلي بأسره، من أجل اثبات حقه واعلان براءته !

ولحسن الحظ وجد السيد " تراسكوت" مؤمنين وداعمين لقضيته، منهم الكاتبة والصحفية " إيزابيل ليبورداي" Isabel LeBourdais, التي أهتمت بقضية " ستيفن" خلال فترة سجنه، فألتفت به عدة مرات وسمعت قصته، وجمعت كل الشهادات والوثائق والأدلة في كتاب اسمته ( محاكمة ستيفن تراسكوت ) The Trial of Steven Truscott، وصدر في عام 1966م، كما تلقي " ستيفن" دعما كبيرا من المحامي " جيمس لوكير"، ومن شريكته " مارلين"، التي تزوجها بعد اطلاق سراحه، وأنجبا ثلاثة أبناء، وكان " ستيفن" قد اضطر، تحت ضغط المطاردة والوصم الشعبي، إلي تغيير اسمه والعيش تحت هوية غير حقيقية، لكنه وبعد عقود طويلة من الصمت، خرج أخيرا ليعلن براءته أمام العالم كله، وتكلم في فيلم وثائقي صدر عام 2000، حكي القصة كلها من وجهة نظره، وأكد أنه مستعد للخضوع لمحاكمة جديدة، خاصة بعد ظهور مجموعة من الأدلة والوثائق، التي تأكد أنه تم اخفاءها عمدا عن هيئة المحلفين في محاكمة عام 1959م، حوت قضية " ستيفن تراسكوت" مجموعة كبيرة من المفاجآت والادلة المتعارضة، والمبهمة أحيانا، منها اصرار الشرطة على اتهام صبي صغير بجريمة اغتصاب وخنق مروعة كهذه، بينما كانت كل الأدلة التي تم جمعها من مسرح الجريمة، تؤكد أن الجاني معتدي جنسي مختل، كما أنه يملك ما يكفي من القوة والمهارة لإخضاع وخنق فتاة صغيرة بقسوة ووحشية، بعد الاعتداء عليها، أيضا ظهرت مفاجأة مذهلة، تقطع بأن محاكمة " تراسكوت" لم تتضمن فقط خروقات من ناحية تعمد اخفاء الأدلة وتعميتها، بل حوت أيضا قدرا من انعدام الضمير الشخصي، وتفضيل الانسياق خلف الرأي العام، بدلا من قول الحقيقة بتجرد ومهنية، ولو كانت تعارض ما يحاول الجميع اثباته وتأكيده، فقد ظهر تقرير أعده دكتور " بينستان"، قبيل وفاته، يؤكد فيه أن دليل الطعام المهضوم في معدة الضحية " هاربر" يناسب توقيت وفاة يمتد من الساعة السابعة والربع مساء يوم اختفاءها، التاسع من يونيو، وحتى صباح اليوم التالي، العاشر من يونيو، مما يعني أن هناك احتمال كبير جدا أن الفتاة قتلت بينما كان " ستيفن" بعيدا عنها تماما في منزل عائلته، وأن النصف ساعة التي لفت حبل المشنقة حول عنق الصبي المسكين، هي في الحقيقة شهادة زائفة وغير دقيقة !

حزمة من الأدلة والقرائن جعلت محاولات " ستيفن"، بعد أن أعلن شخصيته الحقيقية بعد عقود من الاختفاء والتخفي وراء هوية مزيفة، تكلل بالنجاح أخيرا، فحصل على فرصة لإعادة محاكمته، وتم الاستماع لشهادته للمرة الأولي، إذ لم يسمح له بالصعود على منصة الشهادة في عام 1959م، وكذلك قدم محاموه جبلا من الأدلة الجديدة، وشهادات من خبراء في الطب الجنائي وعلم الحشرات العدلي Forensic entomology، تدحض كل الأدلة التي تم على أساسها إدانة " ستيفن تراسكوت" بالجريمة منذ حوالي نصف قرن، وأخيرا صدر الحكم الذي طال انتظاره، فحكمت محكمة استئناف أونتاريو يوم 28 أغسطس عام 2007م ببراءة " ستيفن تراسكوت" من جريمة قتل الطفلة " لين هاربر"، وأعلنت أن الحكم واجراءاته مثلت اخفاقا خطيرا في تطبيق العدالة ! واضافة إلي إعلان براءته فقد تم تعويضه ماليا بمبلغ ستة ملايين ونصف مليون دولار كندي، تم دفعها من قبل حكومة ولاية أونتاريو في العام التالي مباشرة .

وبهذا الحكم التاريخي أصبح " ستيفن تراسكوت" رسميا بريئا من التهمة، وغير مدرج ضمن قائمة المشتبه بهم، ولكن أيضا فذلك عني أن الجاني الحقيقي في جريمة قتل " لين هاربر" لا يزال بعيدا عن أيدي العدالة .

يصادف هذا العام ( 2023م) الذكري الرابعة والستين لوقوع هذه الجريمة البشعة الغامضة، ومع مرور كل هذه السنين فقد بات من شبه المؤكد أن قاتل " لين هاربر" الحقيقي قد توفي، أو أصبح في سن متقدمة جدا، ومن المحال تقريبا معرفة من هو على وجه التحديد الآن، إلا أنه، ووفقا لشهادة " ستيفن"، التي أدلي بها بخصوص أحداث يوم وقوع الجريمة، فيكون الشخص صاحب سيارة الشيفروليه البيضاء، والذي ركبت " لين" بصحبته بينما كان " ستيفن" يراقبها عن بعد، هو المشتبه به الوحيد في قضية الاعتداء على الفتاة وخنقها حتى الموت، وبرغم أن شخصية هذا الرجل مجهولة تماما، إلا أن الشواهد تقطع بأنه معروف ل" لين" نفسها، وربما لعائلتها أيضا، لأنه من المستحيل أن تقدم الطفلة على استقلال سيارة شخص غير معروف لها تماما .. لكن من يكون هذا الرجل، وهل هو فعلا مرتكب الجريمة، أم أن هناك متهم آخر مجهول خلف تلك الجريمة المروعة، التي ستبقي بلا حل فيما يبدو، كل ذلك علمه عند الله وحده، أو لعل المستقبل يفاجئنا بأدلة أو مذكرات أو شواهد مخفية تكشف لنا عن شخصية قاتل " لين هاربر" الحقيقية !


ستيفن تراسكوت في شيخوخته : قصته تصلح لإلهام المعذبين والمظلومين في كل مكان

ملحوظة (1) : التقرير الذي أعده دكتور " بينستان" قبيل وفاته، عام 1966م، وجد في محفوظات مستشفى ستراتفورد، التي كان يعمل بها، تحت عنوان ( اعادة تقييم مؤلمة ) agonizing reappraisal     

ملحوظة (2): يوجد على موقع فيسبوك جروب مخصص لقضية " لين هاربر" يحمل اسم COLD CASE Lynne Harper who killed her 1959 ?

ويمكن زيارته من خلال الرابط https://www.facebook.com/groups/16478745437

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لويز بيت، دوقة الموت : السفاحة المبتسمة ! Louise Peete: Duchess of Death

  لويز بيت .. بدموعها خدعت قضاة ومحلفين ومحققين ! النشأة الأولي : سرقة وعهر : جنوح مبكر ! جاءت " لوفي لويز بريسلار إلي الحياة في يوم 20 سبتمبر 1880 ، في مدينة " بينفيل " بولاية لويزيانا الأمريكية لأب ثري يعمل ناشرا ولديه صحيفة خاصة .. وقد كان والداها مثقفين ومن الطراز المثالي ، ولكن الفتاة التي ألٌحقت بمدرسة خاصة في ( نيوأورليانز ) قد تم طردها من المدرسة وهي بعمر الخامسة عشرة لسببين هما : السرقة وسلوك مسلك غير أخلاقي .. فقد كانت الفتاة المثقفة الثرية تمتهن البغاء في أوقات الفراغ ! جنوح مبكر وعجيب وغير مبرر إطلاقا . وكانت " لويز " غاوية للرجال فلم تستطع أن تبقي بدونهم طويلا ، وعندما وصلت إلي سن الثالثة والعشرين ، أي في عام 1903 ، تزوجت من بائع متجول يدعي " هنري بوسلي " ، وبقيا معها ثلاث سنوات ، انتهت بأن أطلق الزوج النار على رأسه ! والسبب أنه وجد زوجته المصونة برفقة رجل آخر في الفراش ، فلما واجهها كلمته ببرود وسماجة ، وثبت أنها لا تشعر إطلاقا بجريمة الخيانة التي ارتكبتها .. وأمام برودها أحترق الزوج داخليا فلم يجد حلا يريحه سوي الانتحار ...

أكبر من أن يكون ملاكا !!

  لمعت نظرة مريبة في عينيها وهي تراقب الصغير يلهو أمامها ، لم تكن هي بدورها إلا صغيرة مثله ، طفلة لم تتعد أعوامها الإحدى عشرة ، ولم تقفز بعد فوق حاجز شرود الطفولة ونزق الطبيعة الثائرة ، التي تتمشي ف هوادة ، في العروق البارزة ، ملامح رقيقة ، لكن غموضها أضفي عليها طابعا يبعدها عن القلوب ولا يقربها ، كان لها رفاق بالطبع لكنهم كانوا رفاق ضراء لا سراء ، كل مهمتهم أن يوسعوا الصغيرة سخرية ، وأن يتهكموا عليها بكل ما أوتوا من قوة ، تنمر الأطفال الذي لا يدانيه في وحشيته وقسوته شيء .. وبدورها كانت " ماري " الصغيرة أكثر تنمرا وقسوة من رفاقها المشاكسين ، بيد أن الأمر كان مختلفا بالنسبة إليها ، كان الأطفال يكتفون بإلقاء الكلمات اللاذعة ،والسخريات المريرة ، والتعريض ببقع البول التي تلوث ملاءة السرير ، نشرتها أم " ماري " علنا ،معرضة بابنتها التي ( تفعلها ) في فراشها حتى الآن ، وربما تمادوا حتى مرحلة الإيذاء البدني البسيط ، رمي حجر أو قطعة حصى ، أو دس كسرات الزجاج الحادة في طريقها لكي تؤذيها ، كلمات جارحة وأفعال مؤذية ، لكنها لا تزال في مستوي ( الأفعال الطفولية ) ، مهما بلغت قسوتها ...

قضية " راشيل دوبكينز " The Murder of Rachel Dobkin.

  قضية قتل غريبة ومميزة اُرتكبت في خضم الحرب العالمية الثانية، والتي لم يتوقع أحد أن يتم الكشف عن مرتكبها نهائيا، بل ربما الجاني نفسه لم يتخيل أن القضية ستسجل كجريمة قتل عمد على الإطلاق . في البداية نقول أن الجاني كان ذكيا جدا، إذ أنتهز فرصة اشتداد الحرب العظمي الثانية، وازدياد عنف الغارات الألمانية على مدينة لندن، ليحاول اخفاء سر جريمته، التي أعتقد أنها يسوف تعتبر حالة وفاة ناجمة عن القصف الجوي، ولن تعلق به أية شبهة، تاريخيا تعرضت بريطانيا لسلسلة ممنهجة ومطردة من الغارات والهجمات الألمانية، التي ركزت جهودها على تدمير عاصمة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، فبدأت القوات الجوية الألمانية من يوم 7 سبتمبر عام 1940 في قصف لندن في غارات منتظمة وكبيرة، مخلفة خسائر مهولة، وذلك تنفيذا لأوامر الفوهرر المتعلقة بذلك الأمر والتي صدرت قبلها بيوم واحد، وبلغ من عنف تلك الغارات وشدتها أنها تسببت فيما عرف بحريق لندن الثاني ( 29 ديسمبر 1940)، وقد بلغ من جسارة الألمان أنهم لم يتورعوا عن صب نيران طائراتهم على لندن حتى في وضح النهار، لكن وبداية من شهر نوفمبر 1940م أصبحت الغارات ليلية بشكل أساس...

الهفوة التي قضت على 22 مليون إنسان .. كيف أدي عناد رجل واحد إلي تحطيم العالم !!

  بعضُ الأخطاء التي وقعت كانت قدريةً بنسبة مائة في المائة, لم تكن ناجمة عن غباء أو خطأ في الإدراك لدى مقترفها, بل بشكل كامل هو تدبيرٌ من فعْل القضاء والقدر, وفي حالات معينة يكون هذا الخطأ سببًا ليس في دمارِ حياة إنسان ما وحسب, بل ربما- ولا سيَّما في حالتنا هذه- قد يكون سببًا في خراب العالم وتدمير حياة الملايين من الناس الأبرياء! أشهرُ هذه الأخطاء القدرية الصِّرفة هو الغلطة التي وقع فيها وليُّ عهد النمسا والمجر, الأميرُ المكروه الذي يتميز بالصَّلافة والغطرسة, وليّ العهد الذي وصلت إليه معضلةُ الوراثة دون انتظار, ولسبب جريمة غامضة وحادثة شهيرة حدثت لمن كان وريثًا شرعيًّا ومؤكدًا لعرش هذه الإمبراطورية, التي لم تعمِّر طويلًا, وحفل تاريخها بالمآسي والرزايا, واستكمالًا لتربُّص القدر بمملكة النمسا والمجر, وصلَ وليُّ العهد, الأرشيدوق "فرانز فرديناند" Archduke Franz Ferdinand 50 عامًا, وزوجته الأميرة "صوفي" Sophie , 46 عامًا, يوم 28 يونيو عام 1914م, إلى مدينة سراييفو, العاصمة الرسمية لإقليم البوسنة والهرسك, الذي كانت إمبراطورية النمسا تضع يدَها عليه, بمعنى أنَّ الزيارة كانت ...

القضية الغريبة ل " آلان روبيشو" ! The Mysterious Death of Allen Robicheaux

  بالرغم من أنَّ قصتنا هذه المرَّة لا تتضمن جريمةً بالمعنى المعروف, أي عدوان أو أذى من نوع ما يوقعه شخصٌ بشخص آخر؛ فإنها تضمَّنت لغزًا مروِّعًا احتاج لعشرين عامًا كاملة ليتم حلُّه, وتدميرًا لأسرة, وحياة بائسة لامرأة مسنَّة قضت نحبَها وهي لا تعرف أين زوجها, أو ماذا حصل له؟! إنَّ قضايا الاختفاء الغامض كثيرة, وتقريبًا تبدأ كلها بنفس الطريقة؛ يعود شخص ما إلى المنزل ليجد أحد أقاربه وقد اختفى, أو يخرج أحدهم في رحلة عملٍ أو نزهة ثمَّ ينقطع أثره, ولا يعرف أحدٌ أين ذهب. كان الشخص الذي اكتشفَ حالة الاختفاء هذه المرة هي الزوجة "لوسي ماي", سيدة في السبعينيات, تعيشُ في منزل بشارع فرانكلين/ جريتنا/ لوس أنجلوس, وكان من الواجب أن يكون زوجها "آلن روبيشو" Allen P. Robicheaux موجودًا بانتظارها يوم 15 ديسمبر 1973م عند عودتها من زيارة عائلية, لكنه لم يكن كذلك. انتظرت المرأة عودةَ زوجها لكنه لم يعدْ, لا في هذا اليوم, ولا فيما تلاه من أيام, فأينَ يمكن أن يكون الرجل ذو الثلاثة والسبعين عامًا قد اختفى؟! لم تكن هناك دلائلُ على حصول عنفٍ في المنزل, لا مذكرات تقول إنَّه ينوي مغادرة البيت لبضع...

معطف الحرب الأزرق ( قصة قصيرة )

    تسير وسطهم مرفوعة الرأس ، ترمق الطريق الملقي أمامها بنصف عين ، وعين ونصف عليهم .. كان مصيرها معروفا ونهايتها مكتوبة من قبل ، وقد تجرعتها ألوف النسوة قبلها .. خرجت من بيتها مرتدية آخر معطف عندها ، بلا قميص حقيقي تحته ، إنه صدر سترة أخيها وكمي زوجها الراحل ، المغدور الأول والمغدور الثاني ، القتيل الأول والقتيل الثاني ، من بين ألوف وملايين الأسماء .. ماذا كان اسميهما ؟! لعل أحدا لم يسأل هذا السؤال بينما كان يتم إلقائهما في حفرة ضحلة ، ورمي الجير فوق جثتيهما .. ولعلهما يرقدان في قبر واحد فقد ظلا دوما معا ! فقدت الأخ والزوج ، صديق الدم وصديق الرفقة والقلب ، صارت وحيدة وتهدمت المدينة فوق رأسها ، مثلما تهدم بيتها وسقط العالم مكوما فوق بعضه .. لماذا لا يموت الجميع في لحظة واحدة ؟! لماذا يبقي البعض ليدفن البعض ، ثم يلحق بهم بعد أوجاع وآلام ولحظات مريرة ، الجير الحي مخيف ، وطلقة في الرأس مخيفة ، لكن الوحدة وسط وحوش متربصة أكثر تخويفا وترهيبا ! هجر الجميع المدينة ، من بقي على قيد الحياة ، إن كان قد بقي أحد على قيد الحياة ، لا ينجو أحد من الحرب ، فيما عدا القتلى وحدهم ربما ، يعاين الأ...

الرجل الذي حول زوجته إلي نقانق !

  "لويزا بيكنيز"   Louisa Bicknese هي امرأةٌ أمريكية سيئةُ الحظ, في البداية بدَا وكأنها أكثرُ النساء حظًّا في العالم؛ إذْ تزوَّجت برجل مهاجر, ألماني الأصل, ورجلِ أعمال ثري, يملك أكبرَ مصنع للنقانق في شيكاغو. كان الزوج يدْعى "أدولف لوتجيرت" Adolph Louis Luetgert , وكان أرملَ معَ طفلين, تزوَّجته "لويزا" عام 1878م, وعاشا معًا حتى عام 1897م, حيث رزقَا بأربعة أطفال. كان للسيد "لوتجيرت" مصنعٌ شهير للنقانق, ولُقِّب بملك النقانق, لكن طباعه كانت سيئةً إلى حدٍّ ما, فقد كان عنيفًا تجاه زوجته, كما شوهِد ذاتَ مرَّة وهو يطاردها حاملًا مسدسًا. لكن على أي حال, ففي أوَّل أيام شهرِ مايو من ذلك العام خرجتِ الزوجة لزيارةِ أختها, وقال الأبُ ذلك لأطفاله حينما سألوا عنْ والدتهم في اليوم التّالي, غير أنَّ "لويزا" لم تعدْ من زيارة أختها مطلقًا. بدأتِ الشكوك والتساؤلات, ولاحقًا قامَ شقيق الزوجة المفقودة بالإبلاغ عن فقدانها. ثمَّ ظهرت أدلةٌ مقلقة حول تورُّط الزوج في مصاعبَ مالية, وعلاقته بأرملةٍ ثرية, مما دفع البعضَ إلى الاعتقاد بأنه تخلص من زوجته ليتزوَّج الأرم...