التخطي إلى المحتوى الرئيسي

جهاز الإنذار الذي أزهق روحين ! A Woman Scorned: The Betty Broderick Story

 

في الخامسةِ من فجر يوم الأحد, الموافق الخامس من نوفمبر 1989م, وفي حيِّ سايبرس بمدينة سان دييجو الأمريكية, تسلَّلت امرأةٌ في الثانية والأربعين من عمرها, بدينةٌ وحزينة, إلى المنزل رقم 1041م, حاملةً مسدسًا من نوع "سميث أند ويسون", وصعدتْ إلى الطابق الثاني؛ حيث وصلتْ إلى غرفةٍ ينام فيها زوجان جديدان هما: "دان برودريك" Daniel Broderick، 44 عامًا, وزوجته "ليندا برودريك"- كولكينا سابقًا- 28 عامًا, وهناك أطلقتْ عليهما خمسَ طلقات نارية, فتوفِّيت "ليندا" على الفور, بينما أصيبَ الزوجُ في صدره, وتحرَّك محاولًا الوصولَ إلى هاتف مثبَّت بالقرب من السرير لطلبِ المساعدة, لكنَّ المقتحِمَة انتزعتِ الهاتفَ قبل أن تغادرَ المنزل الغارق في الظلام, تاركةً خلفها جثةَ ضحيَّتها ورجلًا يحتضر في صمت!
كان الرجلُ هو زوجَ المقتحِمة السابق, ووالدَ أطفالها الخمسة, أمّا "ليندا", فقد كانت عروسَه الجديدة, التي تزوجها قبل سبعةِ شهور من وقوع الجريمة, بعدَ سنواتٍ عديدة من علاقةٍ غير شرعية جمعتْ بينهما, بينما كان لا يزال متزوِّجًا من "إليزابيث برودريك", المعروفة باسْم "بيتي برودريك"  Betty Broderick, زوجته الأولى, وهي نفسُها القاتلة التي أجهزت عليهما في تلك الليلة المشئومة!
كان كلًّا من "دان" و"بيتي" قد خاضَا معركة قانونية كبيرة ضدَّ بعضهما, بدأتْ باكتشاف "بيتي" لعلاقة زوجها بمساعِدتِه الشَّابة "ليندا" عام 1983م, وبرغم كلِّ محاولات الزوجة لإصلاح الأمور, واستعادةِ علاقتها الطيبة بزوجها؛ فإنَّ الأمور تعقَّدت بشكل كبير, أصرَّ "دان " على علاقته بـ "ليندا", ثمَّ عزمَ على تطليق "بيتي", التي تعرَّف بها وتزوجها بينما كانا لا يزالان طالبيْن في الجامعة, ليتسنَّى له الزواج بـ "ليندا", لم تسرْ معركةُ الطلاق التي عُرفت إعلاميًّا ببرودريك ضدّ برودريك Broderick vs. Broderick بيُسْر, فقد استغلَّ الزوج خبرتَه القانونية الكبيرة, بوصفِه محاميًّا متمرسًا, في الإضرار بزوجته, واستولى على جزءٍ كبير من حصَّتها من ثروتهما, التي كان يجبُ أن تحصل عليها بموجبِ قوانين الملكية المشتركة في الولايات المتحدة, وقامَ بحيلةٍ دنيئة بتحويل تلك الأموال إلى قرضٍ تجاري باسْم أحدِ أشقائه, ثمَّ اتَّهمها بالجنون, وحاولَ الزجَّ بها في مصحٍّ عقلي, وكانت "بيتي" قد بدأتْ فعلًا تفقد صوابَها, فقبلَ ثلاث سنوات من حسْم قضية الطلاق, وزواجِ "دان" بعشيقته "ليندا", قادتْ "بيتي" سيارتها إلى منزل "دان" الجديد, والذي عاشَ فيه بعد مغادرته لمنزل زواجه الأوَّل, واصطدمتْ بالباب مباشرة فحطَّمته, وأتلفتِ الصدمةُ جهازَ الإنذار الذي تمَّ زرعه في المنزل.
لكنْ برغم ذلك فإنَّ الطلاق تم, وبدأ "دان" يحاول انتزاعَ الأطفال من "بيتي", التي بدأتْ تتصرَّف بطريقة هستيرية, وراحتْ تُهاجم "دان" لفظيًّا, وتترك رسائلَ فُحش وغضبٍ على جهاز المجيب الآلي في منزله, ثمَّ.. وعندَ إعلان موعد زفاف "دان برودريك" و"ليندا كولكينا", ذهبتْ "بيتي" واشترتْ مسدسًا, ثمَّ راحت تتدرَّب على استعماله.
وبعكسِ توقُّعات العروسين لم تحاولْ "بيتي" إفسادَ الزفاف, ومرَّت سبعة شهور تأزمتْ فيها أحوال "بيتي" النفسية والمالية, واشتدَّ الضغطُ عليها بنجاح زوجها في انتزاع حضانةِ ولديْهما "دان" و"ريت" منها, وتهديدها بالسجن إذا عادتْ لمضايقة زوجها السابق وزوجته الجديدة مرَّة أخرى!
أخيرًا, وبعدَ أن وصلت حافَّة الانهيار, أقدمَت "بيتي" على التخلص من عدوَّيْها بإطلاق الرصاص عليهما أثناء نومهما, وكان الفضلُ في نجاحها في التسلُّل إلى المنزل في ساعات الصباح الأولى, وارتكاب الجريمة دونَ مقاومة تذكَر؛ هو تقاعس "دان" عنْ إصلاح جهاز الإنذار, الذي عطَّلته "بيتي" بدون قصدٍ قبلَ ثلاث سنوات, حين صدمت بابَ المنزل بسيارتها فحطمته!
حُكم على "بيتي برودريك" بالسجن مدى الحياة مرتين, بتهمتي قتْلٍ مِن الدرجة الثانية, وذلك بعدَ إدانتها في ديسمبر عام 1991م, وهي تقضي مدَّة عقوبتها في مؤسسة كاليفورنيا الإصلاحية للنساء منذُ ذلك الحين.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لويز بيت، دوقة الموت : السفاحة المبتسمة ! Louise Peete: Duchess of Death

  لويز بيت .. بدموعها خدعت قضاة ومحلفين ومحققين ! النشأة الأولي : سرقة وعهر : جنوح مبكر ! جاءت " لوفي لويز بريسلار إلي الحياة في يوم 20 سبتمبر 1880 ، في مدينة " بينفيل " بولاية لويزيانا الأمريكية لأب ثري يعمل ناشرا ولديه صحيفة خاصة .. وقد كان والداها مثقفين ومن الطراز المثالي ، ولكن الفتاة التي ألٌحقت بمدرسة خاصة في ( نيوأورليانز ) قد تم طردها من المدرسة وهي بعمر الخامسة عشرة لسببين هما : السرقة وسلوك مسلك غير أخلاقي .. فقد كانت الفتاة المثقفة الثرية تمتهن البغاء في أوقات الفراغ ! جنوح مبكر وعجيب وغير مبرر إطلاقا . وكانت " لويز " غاوية للرجال فلم تستطع أن تبقي بدونهم طويلا ، وعندما وصلت إلي سن الثالثة والعشرين ، أي في عام 1903 ، تزوجت من بائع متجول يدعي " هنري بوسلي " ، وبقيا معها ثلاث سنوات ، انتهت بأن أطلق الزوج النار على رأسه ! والسبب أنه وجد زوجته المصونة برفقة رجل آخر في الفراش ، فلما واجهها كلمته ببرود وسماجة ، وثبت أنها لا تشعر إطلاقا بجريمة الخيانة التي ارتكبتها .. وأمام برودها أحترق الزوج داخليا فلم يجد حلا يريحه سوي الانتحار ...

أكبر من أن يكون ملاكا !!

  لمعت نظرة مريبة في عينيها وهي تراقب الصغير يلهو أمامها ، لم تكن هي بدورها إلا صغيرة مثله ، طفلة لم تتعد أعوامها الإحدى عشرة ، ولم تقفز بعد فوق حاجز شرود الطفولة ونزق الطبيعة الثائرة ، التي تتمشي ف هوادة ، في العروق البارزة ، ملامح رقيقة ، لكن غموضها أضفي عليها طابعا يبعدها عن القلوب ولا يقربها ، كان لها رفاق بالطبع لكنهم كانوا رفاق ضراء لا سراء ، كل مهمتهم أن يوسعوا الصغيرة سخرية ، وأن يتهكموا عليها بكل ما أوتوا من قوة ، تنمر الأطفال الذي لا يدانيه في وحشيته وقسوته شيء .. وبدورها كانت " ماري " الصغيرة أكثر تنمرا وقسوة من رفاقها المشاكسين ، بيد أن الأمر كان مختلفا بالنسبة إليها ، كان الأطفال يكتفون بإلقاء الكلمات اللاذعة ،والسخريات المريرة ، والتعريض ببقع البول التي تلوث ملاءة السرير ، نشرتها أم " ماري " علنا ،معرضة بابنتها التي ( تفعلها ) في فراشها حتى الآن ، وربما تمادوا حتى مرحلة الإيذاء البدني البسيط ، رمي حجر أو قطعة حصى ، أو دس كسرات الزجاج الحادة في طريقها لكي تؤذيها ، كلمات جارحة وأفعال مؤذية ، لكنها لا تزال في مستوي ( الأفعال الطفولية ) ، مهما بلغت قسوتها ...

قضية " راشيل دوبكينز " The Murder of Rachel Dobkin.

  قضية قتل غريبة ومميزة اُرتكبت في خضم الحرب العالمية الثانية، والتي لم يتوقع أحد أن يتم الكشف عن مرتكبها نهائيا، بل ربما الجاني نفسه لم يتخيل أن القضية ستسجل كجريمة قتل عمد على الإطلاق . في البداية نقول أن الجاني كان ذكيا جدا، إذ أنتهز فرصة اشتداد الحرب العظمي الثانية، وازدياد عنف الغارات الألمانية على مدينة لندن، ليحاول اخفاء سر جريمته، التي أعتقد أنها يسوف تعتبر حالة وفاة ناجمة عن القصف الجوي، ولن تعلق به أية شبهة، تاريخيا تعرضت بريطانيا لسلسلة ممنهجة ومطردة من الغارات والهجمات الألمانية، التي ركزت جهودها على تدمير عاصمة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، فبدأت القوات الجوية الألمانية من يوم 7 سبتمبر عام 1940 في قصف لندن في غارات منتظمة وكبيرة، مخلفة خسائر مهولة، وذلك تنفيذا لأوامر الفوهرر المتعلقة بذلك الأمر والتي صدرت قبلها بيوم واحد، وبلغ من عنف تلك الغارات وشدتها أنها تسببت فيما عرف بحريق لندن الثاني ( 29 ديسمبر 1940)، وقد بلغ من جسارة الألمان أنهم لم يتورعوا عن صب نيران طائراتهم على لندن حتى في وضح النهار، لكن وبداية من شهر نوفمبر 1940م أصبحت الغارات ليلية بشكل أساس...

الهفوة التي قضت على 22 مليون إنسان .. كيف أدي عناد رجل واحد إلي تحطيم العالم !!

  بعضُ الأخطاء التي وقعت كانت قدريةً بنسبة مائة في المائة, لم تكن ناجمة عن غباء أو خطأ في الإدراك لدى مقترفها, بل بشكل كامل هو تدبيرٌ من فعْل القضاء والقدر, وفي حالات معينة يكون هذا الخطأ سببًا ليس في دمارِ حياة إنسان ما وحسب, بل ربما- ولا سيَّما في حالتنا هذه- قد يكون سببًا في خراب العالم وتدمير حياة الملايين من الناس الأبرياء! أشهرُ هذه الأخطاء القدرية الصِّرفة هو الغلطة التي وقع فيها وليُّ عهد النمسا والمجر, الأميرُ المكروه الذي يتميز بالصَّلافة والغطرسة, وليّ العهد الذي وصلت إليه معضلةُ الوراثة دون انتظار, ولسبب جريمة غامضة وحادثة شهيرة حدثت لمن كان وريثًا شرعيًّا ومؤكدًا لعرش هذه الإمبراطورية, التي لم تعمِّر طويلًا, وحفل تاريخها بالمآسي والرزايا, واستكمالًا لتربُّص القدر بمملكة النمسا والمجر, وصلَ وليُّ العهد, الأرشيدوق "فرانز فرديناند" Archduke Franz Ferdinand 50 عامًا, وزوجته الأميرة "صوفي" Sophie , 46 عامًا, يوم 28 يونيو عام 1914م, إلى مدينة سراييفو, العاصمة الرسمية لإقليم البوسنة والهرسك, الذي كانت إمبراطورية النمسا تضع يدَها عليه, بمعنى أنَّ الزيارة كانت ...

القضية الغريبة ل " آلان روبيشو" ! The Mysterious Death of Allen Robicheaux

  بالرغم من أنَّ قصتنا هذه المرَّة لا تتضمن جريمةً بالمعنى المعروف, أي عدوان أو أذى من نوع ما يوقعه شخصٌ بشخص آخر؛ فإنها تضمَّنت لغزًا مروِّعًا احتاج لعشرين عامًا كاملة ليتم حلُّه, وتدميرًا لأسرة, وحياة بائسة لامرأة مسنَّة قضت نحبَها وهي لا تعرف أين زوجها, أو ماذا حصل له؟! إنَّ قضايا الاختفاء الغامض كثيرة, وتقريبًا تبدأ كلها بنفس الطريقة؛ يعود شخص ما إلى المنزل ليجد أحد أقاربه وقد اختفى, أو يخرج أحدهم في رحلة عملٍ أو نزهة ثمَّ ينقطع أثره, ولا يعرف أحدٌ أين ذهب. كان الشخص الذي اكتشفَ حالة الاختفاء هذه المرة هي الزوجة "لوسي ماي", سيدة في السبعينيات, تعيشُ في منزل بشارع فرانكلين/ جريتنا/ لوس أنجلوس, وكان من الواجب أن يكون زوجها "آلن روبيشو" Allen P. Robicheaux موجودًا بانتظارها يوم 15 ديسمبر 1973م عند عودتها من زيارة عائلية, لكنه لم يكن كذلك. انتظرت المرأة عودةَ زوجها لكنه لم يعدْ, لا في هذا اليوم, ولا فيما تلاه من أيام, فأينَ يمكن أن يكون الرجل ذو الثلاثة والسبعين عامًا قد اختفى؟! لم تكن هناك دلائلُ على حصول عنفٍ في المنزل, لا مذكرات تقول إنَّه ينوي مغادرة البيت لبضع...

معطف الحرب الأزرق ( قصة قصيرة )

    تسير وسطهم مرفوعة الرأس ، ترمق الطريق الملقي أمامها بنصف عين ، وعين ونصف عليهم .. كان مصيرها معروفا ونهايتها مكتوبة من قبل ، وقد تجرعتها ألوف النسوة قبلها .. خرجت من بيتها مرتدية آخر معطف عندها ، بلا قميص حقيقي تحته ، إنه صدر سترة أخيها وكمي زوجها الراحل ، المغدور الأول والمغدور الثاني ، القتيل الأول والقتيل الثاني ، من بين ألوف وملايين الأسماء .. ماذا كان اسميهما ؟! لعل أحدا لم يسأل هذا السؤال بينما كان يتم إلقائهما في حفرة ضحلة ، ورمي الجير فوق جثتيهما .. ولعلهما يرقدان في قبر واحد فقد ظلا دوما معا ! فقدت الأخ والزوج ، صديق الدم وصديق الرفقة والقلب ، صارت وحيدة وتهدمت المدينة فوق رأسها ، مثلما تهدم بيتها وسقط العالم مكوما فوق بعضه .. لماذا لا يموت الجميع في لحظة واحدة ؟! لماذا يبقي البعض ليدفن البعض ، ثم يلحق بهم بعد أوجاع وآلام ولحظات مريرة ، الجير الحي مخيف ، وطلقة في الرأس مخيفة ، لكن الوحدة وسط وحوش متربصة أكثر تخويفا وترهيبا ! هجر الجميع المدينة ، من بقي على قيد الحياة ، إن كان قد بقي أحد على قيد الحياة ، لا ينجو أحد من الحرب ، فيما عدا القتلى وحدهم ربما ، يعاين الأ...

الرجل الذي حول زوجته إلي نقانق !

  "لويزا بيكنيز"   Louisa Bicknese هي امرأةٌ أمريكية سيئةُ الحظ, في البداية بدَا وكأنها أكثرُ النساء حظًّا في العالم؛ إذْ تزوَّجت برجل مهاجر, ألماني الأصل, ورجلِ أعمال ثري, يملك أكبرَ مصنع للنقانق في شيكاغو. كان الزوج يدْعى "أدولف لوتجيرت" Adolph Louis Luetgert , وكان أرملَ معَ طفلين, تزوَّجته "لويزا" عام 1878م, وعاشا معًا حتى عام 1897م, حيث رزقَا بأربعة أطفال. كان للسيد "لوتجيرت" مصنعٌ شهير للنقانق, ولُقِّب بملك النقانق, لكن طباعه كانت سيئةً إلى حدٍّ ما, فقد كان عنيفًا تجاه زوجته, كما شوهِد ذاتَ مرَّة وهو يطاردها حاملًا مسدسًا. لكن على أي حال, ففي أوَّل أيام شهرِ مايو من ذلك العام خرجتِ الزوجة لزيارةِ أختها, وقال الأبُ ذلك لأطفاله حينما سألوا عنْ والدتهم في اليوم التّالي, غير أنَّ "لويزا" لم تعدْ من زيارة أختها مطلقًا. بدأتِ الشكوك والتساؤلات, ولاحقًا قامَ شقيق الزوجة المفقودة بالإبلاغ عن فقدانها. ثمَّ ظهرت أدلةٌ مقلقة حول تورُّط الزوج في مصاعبَ مالية, وعلاقته بأرملةٍ ثرية, مما دفع البعضَ إلى الاعتقاد بأنه تخلص من زوجته ليتزوَّج الأرم...